الآخرة أو من جنان الدنيا؟
وعلى الأوّل هل هي جنّة الخلد او جنّة المأوى أو شيء من الجنان الثمانية المعدّة لثواب الآخرة؟
وعلى الثاني هل هي في السماء أو في الأرض عند صخرة بيت المقدس ، او بأرض فلسطين ، او على ظهر الكوفة او بين فارس وكرمان؟ على اقوال.
واحتجّ الأوّلون بأنّ ظاهر الالف واللام للعهد والمعهود المعلوم بين المسلمين هي جنّات الآخرة المعدّة للثواب وبأنّها هي المتبادر منها حتّى صار الإسم كالعلم لها فوجب الحمل عليها.
والآخرون بأنّ دار الخلد لا يفنى نعيمها ولا يدخلها الشيطان بعد طرده ولعنه ، وبانّها لو كانت دار الخلد لما خرج آدم منها كما يقتضيه التّسمية ولقوله : (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) (١) ، وبانّ الشيطان وسوس لآدم عليهالسلام بقوله : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) (٢) ، ومعلوم انّها لو كانت جنّة الخلد لما تمكّن من وسوسة بذلك.
ثمّ منهم من حمل الإهباط على كونه من السماء إلى الأرض كانّه الظاهر ، ولقوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) (٣) ، الظّاهر في كون الهبوط من غيرها ، ولما روي عن أمير المؤمنين حيث سئل عن أكرم واد على وجه الأرض؟ فقال عليهالسلام : واد
__________________
(١) الحجر : ٤٨.
(٢) طه : ١٢٠.
(٣) البقرة : ٣٦.