وفي المجمع مرسلا أنّ الله تعالى ألقى على آدم النوم ، وأخذ منه ضلعا فخلق منه حوّاء فاستيقظ آدم فإذا عند رأسه امرأة فسألها من أنت؟ قالت امرأة ، قال لم خلقت؟ قالت لتسكن إليّ ، فقالت الملائكة : ما اسمها يا آدم؟ قال : حوّاء ، قالت ولم سمّيت حوّاء؟ قال : لأنّها خلقت من حيّ ، فعندها قال الله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (١).
وستسمع ان شاء الله تعالى الكلام في وجه تسميتها ومعنى كونها مخلوقة من ضلع آدم الأيسر في أوّل سورة النّساء.
وحيث إنّ نعمة السكنى لا تتمّ بدون التسكّن لأنّه مسكّن القلب ، وهي مسكن البدن قدّمه عليها في هذه الآية تقديم الرفيق على الطريق والجار على الدّار.
والأقوال كظواهر الأخبار مختلفة في كون حوّاء مخلوقة في الجنّة أو قبل دخولها ، فربّما يستفاد منها الأوّل وقيل : إنّها خلقت قبل أن يسكن آدم الجنّة ، ثمّ ادخلا معا الجنّة ، وهو الظّاهر من تفسير الامام عليهالسلام على ما يأتي (٢).
والأمر بسكنى الجنّة للإباحة لا التّعبد ، إذ لا تكليف في السكنى في المواضع النزهة الطّيبة ، كما أنّ الأمر في «كلا» للإباحة ، واحتمال أن يكون مأمورا بالكون فيها باعتبار ترك أكل الشجرة مبنيّ على كون النّهي للتّحريم ، وضرورة المذهب تنفيه ، على ما تسمع ، وقد مرّ الكلام في اشتقاق الجنّة.
نعم قد اختلفوا في أنّ الجنّة الّتي أسكنها الله تعالى آدم هل هي من جنان
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٨٥ رواها مرسلا عن ابن عبّاس وابن مسعود.
(٢) تفسير الامام العسكري (ع) : ص ٢٢١.