وقوله : «اسكن» أمر من السكنى بمعنى اتّخاذ المسكن ، لا من السكون بمعنى ترك الحركة ، ومنه السكن بالفتح للمنزل ، وبالسكون لأهله ، وأصل السكنى أن يعدّى بفي كما يقال : قرّ فيه ، ولبث فيه ، إلّا أنّهم لمّا نقلوه إلى سكون خاص تصرّفوا فيه ، فقالوا : سكن الدار.
و «أنت» تأكيد للمستكن في اسكن ليصحّ العطف عليه ، ولم يقدروا ولتسكن زوجك للتنبيه على أنّه هو المقصود بالحكم ، والمعطوف عليه تبع له ، ولولاه لم تكن مأمورة به ، بل لم تكن أصلا بخلاف ما لو قيل : اسكنا ، والرجل زوج المرأة ، وهي زوجه ، وزوجته ، والجمع فيهما أزواج ، وحكى في «المصباح المنير» أنّ أهل نجد يقولون في المرأة زوجة بالهاء ، وأهل الحرم يتكلّمون بها مجازا ، وعكّس ابن السكّيت فقال : واهل الحجاز يقولون للمرأة زوج بغير هاء وسائر العرب زوجة بالهاء وجمعها زوجات ، قال : والفقهاء يقتصرون في الاستعمال عليها للإيضاح وخوف لبس الذكر بالأنثى ، إذ لو قيل : تركة فيها زوج وابن لم يعلم ذكر او أنثى.
أقول والأشهر الأوفق للعرف واللّغة ما ذكرناه أوّلا ، والمراد بها حواء خلقها الله تعالى من فاضل طينة آدم ليسكن إليها حين استوحش من الانفراد كما قال : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (١).
قيل إنّه لما أخرج إبليس من الجنّة ولعن ، وبقي آدم وحده استوحش إذ ليس معه من يسكن إليه ، فخلقت حوّاء ليسكن إليها.
__________________
(١) الروم : ٢١.