السورتين لعلّه يقضي بالعكس ، فلا تغفل ويؤيّده ما يأتي عن الامام العسكري عليهالسلام في تفسيره فلاحظ.
(حَيْثُ شِئْتُما) متعلّق بكلا ، لا باسكن ، لأنّه أقرب لفظا وأنسب معنى من حيث تعلّق السعة بثمارها وألوان نعمها ، توطئة للنّهي الّذي هو في معنى الاستثناء تنبيها على ازاحة العلّة وقطع المعذرة في التناول عن الشّجرة المنهي عنها من بين أشجارها الّتي لا تكاد تحصى فضلا عن غيرها من النعم ، ويحتمل الثّاني نظرا إلى وضع الكلمة الدّالة على المكان سيّما مع تعلّق النّهي بالقرب من الشجرة ولو على وجه المبالغة إلّا انّه يتمّ ذلك على الأوّل أيضا.
(وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) نهي للإرشاد ، أو التّنزيه لا التحريم على ما يأتي ، والمعنى لا تقرباها بالأكل او لا تأكلا كما أرسله في المجمع عن الباقر عليهالسلام قال ويدلّ عليه انّ المخالفة وقعت بالأكل بلا خلاف لا بالدنوّ منها ولذا قال فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما (١).
وضمير التثنية لآدم وحوّاء ولم يخصّ آدم بالخطاب كما خصّه في قوله : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) للتنبيه على مزيد الاعتناء والاهتمام في امتثال النهي واستقلال الطلب من كلّ منهما.
وانّما علّق النهي بالقرب الّذي هو من مقدّمات الغير السببيّة للتناول مبالغة في النهي عن الاكل ، وتنبيها على أنّ القرب من الشّيء ربما يورث داعية وميلا يأخذ بمجامع القلب ، ويوقعه فيما وطّن نفسه على اجتنابه.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٨٥.