مجاز ، ويوضحه أنّهم يفعلون ذلك في صفة الأحيان فيقولون سير عليه زمن طويل ، فإذا حذفوا الزمان قالوا طويلا لما مرّ.
وعن الثّاني بأنّ حذف الموصوف إنّما يتوقّف على وجدان الدّليل لا على الإختصاص لقوله : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) (١) اي دروعا سابغات ، ثمّ إنّ العاطف للفعليّة على الفعليّة في المقام هو الواو ، وفي الأعراف هو الفاء.
قال الّرازي : والحكمة فيه أنّ كلّ فعل عطف عليه شيء وكان الفعل بمنزلة الشرط ، وذلك الشيء بمنزلة الجزء ، عطف الثّاني على الأوّل بالفاء كقوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً) (٢) ، حيث إنّه كان وجود الأكل متعلّقا بدخولها فكانّه قال : إن دخلتموها أكلتم منها.
ثمّ إنّ (اسْكُنْ) يقال لمن دخل مكانا فيقال الزم المكان الّذي دخلته ولا تنتقل منه ، ويقال أيضا لمن لم يدخله اسكن هذا البيت يعني ادخله واسكنه ، ففي هذه السورة إنّما ورد الأمر بعد أن كان آدم في الجنّة ، فكان المراد منه اللّبث والاستقرار ، والأكل لا يختصّ وجوده بوجوده ، لأنّ من يدخل بستانا قد يأكل منه وان كان مجتازا ، ولذا ورد بلفظ الواو وفي الأعراف ورد هذا الأمر إنّما ورد قبل أن يدخل الجنّة ، فكان المراد منه دخول الجنّة فالدّخول موصل إلى الأكل والأكل متعلّق وجوده بوجوده.
أقول : وهو بطوله لا يرجع إلى طائل ، وليس في الآيتين دلالة على تعدّد الخطابين فضلا عن تأخّر الأوّل وتقدّم الثاني ، بل التأمّل في مساق الآيتين في
__________________
(١) سبأ : ١١.
(٢) البقرة : ٥٨.