من صلبه ذكرا في كلّ سنة ذكرا وعند ذلك تظهر الجنّتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله تعالى (١).
(وَكُلا مِنْها رَغَداً) منصوب على انّه صفة لمصدر محذوف ، أي اكلا رغدا يعني واسعا رافها ، أي مصدر وضع موضع الحال ، اي متنعّمين متوسعين في العيش من قولهم : عيشة رغد ورغد بالسكون والفتح اي واسعة طيّبة ليس فيها عناء ولا تعب ولا نصب ، ومنه قوله (٢) :
بينما المرء تراه ناعما |
|
يأمن الأحداث في عيش رغد |
ربما يقال تضعيفا للأوّل بأنّ مذهب سيبويه والمحقّقين خلاف ذلك وانّ المنصوب في المقام وفي قوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) (٣) ، حال من ضمير مصدر الفعل ، والأصل فكلا الأكل واذكر الذكر ، قالوا : ودليل ذلك قولهم : سير عليه طويلا ، ولا يقولون طويل ، ولو كان نعتا للمصدر جاز ، ولأنّه لا يحذف الموصوف إلا والصفة خاصة بجنسه ، تقول رأيت كاتبا ولا تقول رأيت طويلا لأنّ الكتابة خاصّة لجنس الإنسان بخلاف الطول.
وأجيب عن الأوّل بجواز أن يكون المانع كراهة اجتماع مجازين : حذف الموصوف ، وتصيير الصّفة مفعولا على الصفة ، ولذا يقولون : دخلت الدّار بحذف في توسّعا ، ومنعوا دخلت الأمر ، لأنّ تعليق الدّخول بالمعاني مجاز وإسقاط الخافض
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٤٣ ح ١٢ عن الاختصاص.
(٢) القائل : امرئ القيس.
(٣) آل عمران : ٤١.