تموتان ابدا ، و (وَقاسَمَهُما) (١) حلف لهما (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (٢) وكان إبليس بين لحيي الحيّة ، أدخلته الجنّة وكان آدم يظنّ انّ الحيّة هي الّتي تخاطبه ، ولم يعلم أنّ إبليس قد اختبأ بين لحييها ، فردّ آدم على الحيّة ، ايّتها الحيّة : هذا من غرور إبليس كيف يخوننا ربّنا أم كيف تعظمين الله بالقسم به وأنت تنسبينه إلى الخيانة وسوء النظر وهو أكرم الأكرمين؟ أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربّي وأتعاطاه بغير حكمه؟ فلمّا ايس إبليس من قبول آدم منه عاد ثانية بين لحيي الحيّة ، فخاطب حواء من حيث يوهمها انّ الحيّة هي الّتي تخاطبها ، وقال : يا حواء أرأيت هذه الشجرة الّتي كان الله عزوجل حرّمها عليكما ، قد احلّهما لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له وتوقيركما ايّاه ، وذلك انّ الملائكة الموكّلين بالشجرة الّتي معها الحراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنّة لا يدفعوك عنها ان رمتها فاعلمي بذلك انّه قد احلّ لك ، وابشري بانك ان تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلّطة عليه الآمرة النّاهية فوقه ، فقالت حوّاء سوف أجرّب هذا ، فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها ، فأوحى الله إليها انّما تدفعون بحرابكم من لا عقل له بزجره ، وامّا من جعلته ممكنا مميّزا مختارا فكلوه إلى عقله الّذي جعلته حجّة عليه ، فإن أطاع استحقّ ثوابي وان عصى وخالف أمري استحقّ عقابي وجزائي ، فتركوها ولم يتعرّضوا لها بعد ما همّوا بمنعها بحرابهم ، فظنّت أنّ الله نهاهم عن منعها لأنّه قد احلّها بعد ما حرّمها ، فقالت صدقت الحيّة ، وظنّت انّ المخاطب لها
__________________
(١) الكهف : ٨٢.
(٢) الأعراف : ٢١.