مساوقة الشعور للوجود ، وانّ الجماد فضلا عن الحيوان يشارك الإنسان في الإدراك والشّعور والعبوديّة ، وصحّة تعلّق الخطاب وان اختلفت في مراتب الجمود والسيلان ، سيّما بعد ما سمعت عن الأنوار النعمانيّة من مكالمتها مع الشيطان ، والثّاني بانّ الخطب في مثله سهل بعد ملاحظة وجوه دلالات القرآن ومحامله ، وأولى من الجميع ما في «تفسير الامام» من الجمع بين الأربعة حيث قال : وقلنا يا آدم ويا حوّاء ويا ايّتها الحيّة ويا إبليس اهبطوا.
(بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) آدم وحوّاء وولدهما عدوّ للحيّة ، وإبليس والحيّة وأولادهما أعداؤكم (١).
وعلى الأولين فالمعاداة بين الذّريّة ولو باعتبار التجوّز ، أو تقدير المضاف في الأوّل ، والجملة حالية استغنى فيها عن الواو بالضّمير ، والمعنى متعادين يبغي بعضكم على بعض بإضلاله وتغريره ، وليس من متعلّق الأمر ، ويحتمل أن يكون استينافا لله سبحانه فائدته التحذير عن الاغترار بوساوس هذا العدوّ كما في قوله : (لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) (٢) وقوله : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) (٣).
وعداوة إبليس لآدم وحوّاء ظاهرة حتّى قد روي انّه أغرى عليهما السّباع بعد هبوطهما كما في «العلل» عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : انّه سئل النّبي صلىاللهعليهوآله ممّا خلق الله عزوجل الكلب؟ قال : خلقه من بزاق إبليس ، قال : وكيف ذلك يا رسول الله قال : لمّا
__________________
(١) تفسير المنسوب الى الامام عليهالسلام : ص ٢٢٤ وعنه البحار ج ١١ ص ١٩٠.
(٢) الأعراف : ٢٧.
(٣) فاطر : ٦.