ثمّ امره بحجرين فوضع أحدهما على الآخر فدقّه ، فلذلك وضعت الرحا اليوم.
ثمّ أمره بعجنه فلذلك صار ولده يعجنون الدقيق اليوم.
ثمّ أمره أن يختبزه ملّة (١).
فجمع له جبرئيل الحجر والحديد ، فقدحه فخرجت النار ، فلذلك ولده يقدحون النّار اليوم ، فهم أوّل من اختبز الملّة.
ثمّ أمره أن يأكله ، فعند ذلك قال لجبرئيل : لا أريد! فقال له جبرئيل عليهالسلام : شكوت إلى ربّك الجوع ، فلمّا أطعمك قلت : لا أريد؟ قال : لأنّي قد أعييت ممّا عالجت.
فقال له جبرئيل : هذا عملك وعمل ذرّيّتك إلى أن تقوم السّاعة.
فبكى آدم أربعين صباحا حتّى نبتت لحيته من الغمّ والحزن على الجنّة.
فلمّا أكل وجد في بطنه ثقلا ووجعا ، ولم يكن قبل ذلك له مخاط ولا بزاق ، فشكى إلى جبرئيل.
فقال جبرئيل : تنحّ فتنحّى ، فبعّر مثل بعر الشّاة ، وجد له ريحا شديدا ، فشكى ذلك إلى جبرئيل.
فقال له جبرئيل : أتدري ما ذلك؟ قال : لا فقال له جبرئيل عليهالسلام : انّ الله تبارك وتعالى حين خلقك من طين أجوف ، فجاء إبليس فضرب على بطنك ، فسمع له
__________________
(١) الملّة : الرماد والجمر ، يقال : مللت الخبزة في الملّة وأمللتها إذا عملتها في الملة ـ لسان العرب ج ١٣ ص ١٨٧.