المنصوب منه لا منّا ، ولذا أضافه إلى نفسه في موضعين من هذه الآية.
وامّا ما يقال : من أنّ الوجه في ذلك أنّ الإتيان محتمل في نفسه غير واجب عقلا ، فهو مردود بما هو المقرّر في محلّه من عدم خلوّ العصر عن الحجّة ، بل لا ريب في شمول الهدى للحجّة الباطنة الّتي هي العقول ، بل ما ذكره مبنيّ على قواعد الاشاعرة المنكرين للتحسين والتقبيح العقليين النافين لعدله سبحانه عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا.
ومثله في الضّعف ايضا ما قيل : من أنّ ذلك للإيذان بأنّ الإيمان بالله والتوحيد لا يشترط فيه بعثة الرسل وإنزال الكتب ، وانّه إن لم يبعث رسولا ولم ينزل كتابا كان الايمان به وتوحيده واجبا لما ركب فيهم من العقول ونصب لهم من الأدلة ومكّنهم من النظر والاستدلال.
بل وما قيل أيضا : من أنّ فيه اشارة إلى وجه آخر غير ما ذكرناه وهو انّ إتيان الهدى بطريق الرسول والكتاب ليس بواجب فالإيمان به وبتوحيده وصفاته وأفعاله واجب عليهم على كلّ حال سواء يأتيهم الكتاب والرسول أو لم يأتهم ، وذلك لإفاضة نور العقل ونصب الأدلة ولو لم يكن طريق العقل كافيا لوجب عليه إرسال الرسل فلم يصحّ الإتيان بكلمة الشك ، فلمّا أتى بها آذن انّه ليس بواجب فتعيّن الوجوب بطريق العقل.
فانّ الكلّ ضعيف لمخالفته للأصل المقرّر عندنا من وجوب الحجّة في كلّ عصر ، ولظاهر الآية من حيث اقتران الشرط بحرفي التأكيد المخرجين. له عن الشك إلى رجحان الوقوع الموجب لتعيّنه في حقّه سبحانه على ما قضت به