آدم إلّا وفيها إمام يهتدى به إلى الله عزوجل ، وهو حجّة الله عزوجل على العباد ، من تركه هلك ، ومن لزمه نجى حقّا على الله عزوجل (١).
ثمّ انّ العقول وان استقلّت بإدراك بعض الحقائق كالتوحيد وغيره بل بإدراك بعض الاحكام او المصالح المقتضية لها كحسن الصدق النّافع وقبح الكذب الضّار ، إلا أنّها قاصرة عن الإحاطة بتفاصيل الأحكام فمتابعتها بهذا الاعتبار لا توجب الهدى التّام الّذي يوجب متابعته نفي الخوف والحزن رأسا ، ومخالفته الكفر الموجب للخلود في النّار ، وأمّا الكتب السّماويّة فانّها وان وجد فيها ما هو مشتمل على جميع الحقائق والاحكام كالقرآن إلّا انّه باعتبار بطونه الّتي لا يعلمها إلّا الله سبحانه أو من علّمه الله ولو بوسط.
بل نحن نرى النّاس مختلفين في فهم ظواهرها ، ولذا ترى كلّ ذي شرعة أو بدعة يتشبّث بشيء من ظواهرها في أصولهم وفروعهم ، وكلّ فرقة من فرق أمّة النّبي صلىاللهعليهوآله قد استدلّوا لمذاهبهم المختلفة المنحرفة عن طريق الحقّ بظواهر القرآن ، فليس فيه ايضا بنفسه البيان الواضح والهدى التّام بل إنّما يتحقّق ذلك في الأنبياء والأوصياء المعصومين صلّى الله عليهم أجمعين الّذين عندهم علم الكتاب ، وهم فصل الخطاب ، والعقل من حيث دلالته على الحجّة ، وكشفه عن صحّة دعواه فيه الهدى التّام ، وكذلك الكتاب من حيث اقترانه ببيان الحجّة وتفسيره وتأويله فيه الهدى التّام ، والحجّة هو الكتاب النّاطق الّذي ينطق بالحقّ ويقضي بالقسط ويبطل تأويل المؤولين ويدحض انتحال المبطلين وهو الهدى التّام الّذي علّق عليه الوعد
__________________
(١) العلل : ص ٧٦ وإكمال الدين ص ١٣٣.