استأثرت به مشيّتكم ، والممحوّ ما لا استأثرت به سنّتكم به (١).
فكان بعناية الله تعالى ولطفه عن قابليّته سابقا لكلّ من لم يكن كذلك ، وكانت فطرته على هيئة فعله تعالى ومحبّته ، فحين توجّه إليه أمر ربّه كان ميل فطرته ودواعي صورته الغيبيّة مطابقا لمحبّة الله وارادته وامره ، مع دوام الرياضة والتربية حقيقة ما هو اهله بالتّوفيق والتّسديد وعدم التّخلية مع مطابقة تلك الفطرة لفعل الله ومحبّته وارادته.
وامّا عدم غفلته وسهوه ونسيانه فلدوام تيقظه وتنبّهه وتوقّد نورية قلبه ودوام توجّهه إلى ربّه ، وسلامة قلبه عن استيلاء حزب الشياطين ووساوسهم ونزعاتهم ، وذلك لما قرّر في محلّه من أنّ سبب الغفلة والنّسيان هو البعد عن ساحة القرب الموجب لاستيلاء الشيطان ، ولذا قال مولانا الحسن المجتبى عليهالسلام في جواب من سأله عن جملة من المسائل على ما رواه في «العلل» و «العيون» إلى أن قال : وأمّا ما ذكرت من أمر الذكر والنّسيان فإنّ قلب الرّجل في حقّ وعلى الحق طبق فإن صلّى الرجل عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامّة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحقّ فأضاء القلب ، وذكر الرّجل ما كان نسي ، وإن هو لم يصلّ على محمّد وآل محمّد ، أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحقّ فأظلم القلب ونسي الّرجل ما كان ذكره. (٢) الخبر.
فانّ الصّلوة مشتقّة من الصّلة والوصل والاتّصال ، فإذا اتّصل العبد بالأنوار
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٩٤ ص ٣٩.
(٢) بحار الأنوار ج ٣٦ ص ٤٢٥ ـ عن كمال الدين والعيون.