وفي «العلل» بالإسناد عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ما يستطيع اهل القدر أن يقولوا : والله لقد خلق الله آدم للدّنيا وأسكنه الجنّة ليعصيه فيردّه إلى ما خلقه له فقوله ليعصيه أي عالما بأنّه يخلّيه مع اختياره بعد ما أرشده إلى ما فيه النفع العاجل ، من دون أن يكون هناك طلب على وجه الإيجاب او الاستحباب ، فاختار آدم ما فيه الخير الكثير الآجل كما خلقه الله تعالى لذلك.
ولعلّه ينزّل عليه ما أجاب به آدم موسى عليهماالسلام على ما هو المروي في تفسير القمي وغيره عن الصادق عليهالسلام قال : انّ موسى عليهالسلام سأل ربّه أن يجمع بينه وبين آدم عليهالسلام فجمع الله بينهما فقال له موسى : يا أبه ألم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وأمرك أن لا تأكل من الشجرة فلم عصيته؟ قال : يا موسى بكم وجدت خطيئتي قبل خلقي في التوراة؟ قال : بثلاثين سنة قال : فهو ذلك ، قال : فحّج (١) آدم موسى عليهماالسلام.
بناء على أنّ المراد أنّه سبحانه كتب في التوراة انّه تعالى قدّر على آدم عمارة الأرض وقدّر عليه أنّه وكلّه إلى اختياره ، حتّى فعل ما فعل لمصلحة إهباطه إلى الأرض ، وانّ ذلك التقدير كان قبل خلق آدم بثلاثين سنة فالمعنى بكم وجدت تقدير خطيئتي قبل خلقي؟
ومن هنا يظهر انّه لا داعي إلى التكلّف لكونه قبل خلقه بانّ التوراة كتب في الألواح السماوية في ذلك الوقت وان وجده موسى عليهالسلام بعد بعثته ، أو أنّ المراد اطلاع روح موسى على ذلك قبل خلق جسد آدم ، كما لا وجه لحمله على التقيّة لمجرّد
__________________
(١) فحجّ آدم موسى : اي غلب آدم موسى بالحجّة.