الشريفة أيضا ذلك ، وقد ذهب جماعة إلى أن لجميع الأشياء نفوسا مجردة ونطقا وجعلوا قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (١) محمولا على ظاهره ، وليس غرضنا من هذا الكلام ترجيح القول بحياة الأفلاك بل كسر سورة استبعاد المصرّين على إنكاره وردّه وتسكين صولة المشنعين على من قال به وجوّزه (٢) انتهى كلامه زيد مقامه ، واعترضه شيخنا المجلسي طاب ثراه بانّ هذا الترجيح الذي أبداه في لباس الاحتمال والتجويز مناف لسياق اكثر الآيات والأخبار الواردة في أحوال الكواكب والأفلاك ومسيرها وحركاتها والإشارات التي تمسك بها ظاهر من سياقها انّها من قبيل المجازات والاستعارات الشائعة في كلام البلغاء بل في اكثر المحاورات فانّهم يخاطبون الجمادات بخطاب العقلاء وغرضهم تفهيم غيرها كما في هذا الخطاب وخطاب شهر رمضان ووداعه وخطاب البيت والمخاطب فيها حقيقة هو الله تعالى والغرض إظهار نعمه تعالى وشكره عليها ولم أر أحدا من المتكلمين من فرق المسلمين قال بذلك إلّا بعض المتأخرين الذين يقلّدون الفلاسفة في عقائدهم ويوافقون المسلمين فيما لا يضرّ بمقاصدهم ، ثمّ حكى عن السيّد المرتضى أنّه قال في كتاب «الغرر والدرر» : قد دلت الدلالة الصحيحة الواضحة على أنّ الفلك وما فيه من شمس وقمر ونجوم غير متحرك لنفسه ولا طبعه على ما يهذي به القوم وانّ الله تعالى هو المحرك له والمتصرف باختياره فيه وقال رحمهالله في موضع آخر : لا خلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة من الفلك وما يشتمل عليه من الكواكب فانّها مسخرة مدبرة متصرفة وذلك معلوم من دين رسول الله صلىاللهعليهوآله ضرورة.
__________________
(١) الإسراء : ٤٤.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥٥ ص ١٨٥ ـ ١٨٦.