فإن قيل : فلما ذا يقول الداعي : يا ربّ يا الله؟ مع أنّه تعالى (أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) قيل في الجواب : هو استبعاد لنفس الداعي من مظانّ الزلفى هضما لنفسه ، وإقرارا عليها بالتنصيص كما عن زين العابدين وسيّد الساجدين عليه صلوات الله في دعائه المشهور المروية عن أبي حمزة الثمالي (١) أنه قال مناجيا لربّه سبحانه : «وأن الراحل إليك قريب المسافة وانّك لا تحتجب عن خلقك إلّا أن تحجبهم الأعمال دونك.
وقيل بالفارسية :
دوست نزديك تر أز من به من است |
|
اين عجب تر كه من أز وي دورم |
چكنم با كه توان گفت كه دوست |
|
در كنار من ومن مهجورم |
(بَنِي) منادى مضاف ، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم وقد تغيّر بناء مفردة ، وحذفت منه النون للإضافة. وواحده ابن شبيه بجمع التكسير ، ولذلك قالوا في جمعه : أبناء ، وفي جمع سلامته قالوا : بنون ، وهو جمع شاذّ ، وعاملت العرب في هذا الجمع معاملة جمع التكسير فألحقت التاء في فعله كما ألحقت في فعل جمع التكسير قال النابغة (٢) :
__________________
(١) هو ثابت بن دينار المعروف بأبي حمزة الثمالي ، كان لقمان زمانه جليل القدر وكان من مشايخ أهل الكوفة وزهّادهم توفي سنة (١٥٠) ه
(٢) هو قيس بن عبد الله الجعدي العامري ، صحابي من المعمّرين ، جاوز المائة ، وكان ممّن هجر الأوثان قبل ظهور الإسلام ووفد على النبي صلىاللهعليهوآله فأسلم وأدرك صفّين فشهدها مع علي عليهالسلام ، ثم سكن الكوفة ، فسيّره معاوية الى أصبهان مع أحد ولاتها فمات فيها نحو سنة (٥٠) ه الأعلام ج ٦ ص ٥٨.