رابعها : أنّ المراد من هذا العهد ما أثبته في الكتب المتقدمة من وصف محمد صلىاللهعليهوآله ، وأنه سيبعثه على ما صرح بذلك في سورة المائدة بقوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (١) الى قوله (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٢).
قال الطبرسي في «مجمع البيان» : إن هذا العهد هو أن الله تعالى عهد إليهم في التوراة أنه باعث نبيّا يقال له : محمد. فمن تبعه كان له أجران اثنان : أجر باتّباعه موسى وإيمانه بالتوراة ، وأجر باتباعه محمدا وإيمانه بالقرآن. ومن كفر به تكاملت أوزاره وكانت النار جزاءه ، فقال : (أَوْفُوا بِعَهْدِي) في محمد (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) أدخلكم الجنة ، عن ابن عبّاس فسمى ذلك عهدا لأنه تقدم به إليهم في الكتاب السابق ، وقيل : إنّما جعله عهدا لتأكيده بمنزلة العهد الذي هو اليمين ، كما قال سبحانه : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (٣) وهذا القول أقوى لأنّ عليه أكثر المفسرين وبه يشهد القرآن. (٤)
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) الوفاء ضدّ الغدر وهو الحفظ والإتمام وعدم النقض.
قال الراغب : وفي بعهده يفي وفاء ، وأوفى إذا تمّم العهد ولم ينقض حفظه ،
__________________
(١) آل عمران : ١٨٧.
(٢) آل عمران : ١٩٥.
(٣) آل عمران : ١٨٧.
(٤) مجمع البيان : ج ١ ص ٩٣ ـ ٩٤.