إلّا قليلا وإن بلغ ما بلغ ، كما قال تعالى : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) (١). (٢)
وقال الشيخ في «التبيان» وتقييده ب (لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) لا يدل على أنّه إذا كان كثيرا يجوز مشترى به ، لأنّ المقصود من الكلام أنّ أي شيء باعوا به آيات الله كان قليلا ، وأنّه لا يجوز أن يكون له ثمن يساويه ، كقوله تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (٣).
إنّما أراد بذلك نفي البرهان عنه على كل حال ، وأنّه لا يجوز أن يكون له برهان ، ومثله قوله تعالى : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) (٤) ، وإنّما أراد أنّ قتلهم لا يكون الّا بغير حقّ ، نظائر ذلك كثيرة. (٥)
وقال الطبرسي في «المجمع» روي عن أبي جعفر عليهالسلام في هذه الآية قال : كان حييّ بن أخطب (٦) ، وكعب بن الأشرف (٧) وآخرون من اليهود لهم مأكلة على اليهود في كلّ سنة ، فكرهوا بطلانها بأمر النبي صلىاللهعليهوآله ، فحرّفوا لذلك آيات من التوراة فيها صفته وذكره صلىاللهعليهوآله فذلك الثمن الذي أريد في الآية. (٨)
__________________
(١) سورة النساء : ٧٧.
(٢) البحر المحيط ج ١ ص ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٣) المؤمنون : ١١٧.
(٤) آل عمران : ٢١.
(٥) التبيان ج ١ ص ١٨٩.
(٦) حييّ بن أخطب النضري : جاهلي من الأشدّاء العتاة أسر يوم قريضة ثم قتلوه سنة (٥) ه
(٧) كعب بن الأشرف الطائي من بني تيهان : شاعر جاهلي كانت أمه من بني نضير فدان باليهودية وأدرك الإسلام ولم يسلم قتل في ظاهر حصنه سنة (٣) ه ، الأعلام : ج ٦ ص ٧٩.
(٨) مجمع البيان : ج ١ ص ٩٥ وعنه كنز الدقائق : ج ١ ص ٣٩٩.