الكلام ، فيستعمل للتّعليل للمناسبة بينه وبين الظرف ، وقد يحذف عامله نحو (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ) (١) أي وإذ لم يهتدوا ظهر عنادهم ، ثمّ توسّعوا فيه باستعماله بمعنى الوقت مطلقا ، فنصبوه على المفعول به بتقدير اذكر ، كما في الآية وفي كثير من أوائل القصص ، أو على البداية كقوله (اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) (٢) وخفضوه بإضافة الأزمنة خاصّة إليه ، في نحو حينئذ ويومئذ ، و (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) (٣).
وأمّا رفعه بالفاعليّة ونحوها فالجمهور على عدم جوازه ، حسبما يحكى عنهم لكن الأظهر وفاقا لكثير ممّن تأخّر جوازه ، ولذا وجّه الزّمخشري (٤) قراءة بعضهم (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً) (٥) بكونه في محلّ الرّفع على الابتداء حملا له على إذا في قولهم : أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما (٦) للتّسوية بين المبتدأ والخبر ، ولا غرابة في ذلك بعد مساعدة القليل ، وهو اتّفاقهم على التّصرف والخروج عن الظّرفيّة ، ومن هنا يظهر أنّه لا يحتاج إلى سماع خاصّ ، فلا يقدح فيه عدم التصريح به ، ولعلّ فيما يأتي من عبارة الإمام عليهالسلام دلالة على ما اخترناه فلاحظ ، والتزام ظرفيّته دائما حتّى في مثل المقام تكلف جدّا ، بل قيل : إنّه وهم فاحش ، لاقتضائه حينئذ الأمر بالذكر في الوقت الذي قد مضى مع أنّ امتثال الأمر في الحال أو الاستقبال ، بل من البيّن أنّ المراد في مثل المقام ذكر الوقت نفسه
__________________
(١) الأحقاف : ١١.
(٢) المائدة : ٢٠.
(٣) آل عمران : ٨.
(٤) هو ابو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي المعتزلي المتوفى (٥٣٨) ه.
(٥) آل عمران : ١٦٤.
(٦) الكشاف ج ١ ص ٤٧٧ ط بيروت دار الفكر.