لكن في تفسير الإمام عليهالسلام ما يستفاد منه كونه ظرفا لقوله : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) حيث قال عليهالسلام : لمّا قيل لهم : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (١) قالوا : متى كان هذا؟ قال الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) : إبداعي هذا الخلق : (لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) حين قال ربّك (٢).
بناء على أحد الوجهين فيه ، والوجه الآخر خروجه عن الظّرفية بكونه خبرا عن قوله ابداعي ، ولذا عبّر عنه بلفظ حين وجعله مسندا ، ولعلّ المراد أنّهم لما سألوا عن الوقت أجيبوا بانّه حيث لم يكن لكم وجود ، ولا قوّة اعانة له في خلق معايشكم ، ولا لسان سؤال منه بل كان حين التفضل عليكم بالإخبار من إرادة خلق أبيكم وتكريمه بكذا وكذا ، فالظّرف هو الزمان الممتد قبل خلق آدم ، وإن كان خلق ما في الأرض في طرف منه ، والقول في آخر تنبيها على أنّه هو المبتدء بالنعم قبل الاستحقاق وقبل وجود المستحق.
والقول موضوع لحكاية لفظ أو فعل أو حال باللّفظ الدّال عليه ، وقد يعمّ في الحكاية كالمحكي بناء على التوسعة فيه عمّا وضع له في اصل اللغة ، ويقال : قال بيده أي أشار ، وهو منه تعالى بما يفيد الإفهام من وحي أو إلهام أو خلق صوت وكلام ، أو نصب دليل على المرام.
وقد مرّت الإشارة إلى معاني الرّب في الفاتحة والأنسب منها في المقام هو المربّي بإيصال الفيوض والمتفضل بالإمدادات الظاهرة والباطنة مع دفع العوائق إلى أن يصل إلى الكمال اللائق ، وأضافته إلى ضمير الخطاب المكنى به عن النّبي صلىاللهعليهوآله للاشارة إلى أنه هو المقصود الاصلي والسبب الكلّي في خلق آدم وانّ ذلك من تمام
__________________
(١) البقرة : ٢٩.
(٢) تفسير المنسوب الى الإمام العسكري عليهالسلام ، نقل عنه تفسير البرهان ج ١ ص ٧٣.