تربيته وارادة ظهوره في هذا العالم ، فانّه كالثمرة المقصودة من هذه الشجرة ، والتنبيه على أنّه صلىاللهعليهوآله كان مقيما على حدّ العبوديّة متمكنا في مقام الشهود الدائم ، ولذا شافهه كفاحا.
والملائكة جمع ملك ، وأصله ملأك ، بل قيل : أنّه لا خلاف في ذلك وقد جاء الأصل في نحو.
ولست لإنسيّ ولكن لملأك |
|
تنزل من جوّ السّماء يصوب |
وانّما اختلفوا في ملأك فعن الكسائي وابن السكيت (١) واللّيث (٢) أصله مألك بتقديم الهمزة من الألوك ، وهي الرسالة ، ثمّ قلبت بتقديم اللام ، ثمّ تركت همزته لكثرة الاستعمال ، فلما جمعوه ردّوها إليه فقالوا ملائكة وملائك أيضا ، وعن أبي عبيدة أنّه فعل من لاك إذا أرسل ، قال في القاموس : الملأك والملأكة الرسالة وألكني إلى فلان أبلغه عني ، أصله الئكني ، حذفت الهمزة وألقيت حركتها على ما قبلها ، والملأك الملك ، لأنّه يبلغ عن الله تعالى ووزنه مفعل والعين محذوفة ، وألزمت التخفيف إلّا شاذا ، وهذا لسلامته من القلب سيّما مع شيوع استعماله أجود من الأوّل ، وتوهم ضعفه مدفوع بثبوت النقل والاستعمال ، مع أنّه المحكي عن ابن الأنباري (٣) وابن
__________________
(١) ابن السكيت (بكسر السين وتشديد الكاف) : أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي الاهوازي النحوي اللغوي المقتول بأمر المتوكل سنة (٢٤٤) ه
الكنى والألقاب : ج ١ ص ٣١٤.
(٢) الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ من جلّة أصحاب الكسائي توفي سنة (٢٤٠) ه
غاية النهاية : ج ٢ ص ٣٤.
(٣) هو ابو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار اللغوي النحوي الأديب المستوفى (٣٠٤) أو ٣٠٥.