الهيثم (١) وغيرهما ، فلا ينبغي التّأمل في ثبوته لعدم نصّ الجوهري (٢) وغيره وعن ابن كيسان (٣) أنّه من ملك لدوران المادّة مع القوّة والشدّة يقال : ملكت العجين أي شددت عجنه ، وملّك النبعة ، وهي اسم شجرة صلّبها وذلك إذا يبّسها في الشمس مع قشرها ، وملكت بالطعنة كفى أي شددت ، ومعنى القوة ظاهر في المالك والملك وما تصرّف منهما ، ومنه ملك الدابة بضمّ الميم واللام لقوائمها ، وملك الطريق بالتثليث لمعظمه ، بل قد يرجح هذا على الأوّلين بأنّ معنى الشدّة والقوّة يعمّ جميع الملائكة ، وناهيك في ذلك قوله تعالى : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٤) ، وأيّ قوّة أعظم من ذلك وأنّه سبحانه جعلهم وسائط جلّ أو كلّ ما يظهره في هذا العالم ببديع حكمته وباهر قدرته من الفيوض التكوينيّة والاحكام التشريعية.
وأمّا الرسالة فلقوله تعالى : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (٥).
وأمّا قوله (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (٦) فمخصص جمعا بل وضرورة إلّا مع التجوّز في معنى الرسالة ، ويشكل حينئذ بجمعه هذا الجمع إلّا باعتبار أصله الذي هو ملأك على أن الهمزة مزيدة فيجمع على ملائك كشمأل وشمائل ، وأمّا الحاق التاء فقيل : إنّه لتأكيد تأنيث الجماعة ، وأوسط الأقوال أوسطها لسلامته من القلب
__________________
(١) هو داود بن الهيثم بن إسحاق ابو سعيد التنوخي الأنباري اللغوي النحوي المتوفى (٣١٦).
(٢) الجوهري : ابو نصر إسماعيل بن حمّاد الفارابي : المتوفى سنة (٣٩٣) ه على الأشهر.
(٣) هو ابو الحسن محمد بن احمد بن ابراهيم بن كيسان البغدادي النحوي المتوفى (٢٩٩) ه
(٤) الأنبياء : ٢٠.
(٥) الحجّ : ٧٥.
(٦) فاطر : ١.