لم يثبت آدم ، ويقول : إنّ الله تعالى خلق الأفلاك وخلق فيها طباعا محركة لها بذاتها ، فلمّا تحرّكت وحشوها أجسام ، لاستحالة الخلأ ، وكانت الأجسام على طبيعة واحدة ، فاختلفت طبايعها بالحركة الفلكية ، وكان القريب من الفلك أسخن وألطف ، والبعيد أبرد وأكثف ، ثم اختلطت العناصر وتكوّنت منها المركّبات ، وممّا تكوّن منه نوع البشر ، كما يتكوّن الدّود في الفاكهة واللحم والبق في البطايح والمواضع الغضّة ، ثمّ تكوّن البشر بعضه من بعض بالتّوالد ، ونسي التخليق الأوّل الذي كان بالتولّد ، ومن الممكن أن يقول : يتكوّن بعض البشر في بعض الأراضي القاصية بالتولد وانّما انقطع التولّد لأن الطبيعة إذا وجدت للكون طريقا استغنت عن طريق ثان.
قال : وأمّا المجوس فلا يعرفون آدم ولا نوحا ولا ساما ولا حاما ولا يافث وأوّل متكون من البشر عندهم كيومرث ، ولقبه كوهشاه أي ملك الجبل ، وقد كان كيومرث في الجبال ومنهم من يسمّيه گلشاه أي ملك الطين ، لأنّه لم يكن يومئذ بشر يملكهم ، وقيل : تفسير كيومرث حي ناطق ميت قالوا وقد رزق من الحسن ما لا يقع عليه بصر حيوان إلّا وله وأغمي عليه ، ويزعمون أنّ مبدء تكوّنه وحدوثه أنّ يزدان وهو الصانع الأوّل عندهم فكّر في أمر «أهرمن» وهو الشيطان عندهم فكرة أوجبت أن عرق جبينه فمسح العرق ورمى به ، فصارت منه كيومرث ، ولهم خبط عظيم في كيفيّة تكوّن أهرمن عن فكرة يزدان ، او من إعجابه بنفسه ، أو من توحّشه ، ثمّ إنّهم قالوا بعد هذيانات غريبة ، أنّه قطر من كيومرث قطرتا نطفة على الأرض فنبت منها ريباستان في جبل باصطخر ، ثمّ ظهرت على تينك الرّيباستين الأعضاء البشرية في أوّل الشهر التاسع وتمّت أجزائه فتصوّر منها بشران ذكر وأنثى ، وهما ميشا وميشانه ،