ثمّ أنّ لغير الملّيّين أيضا مقالات في ذلك وأكثرهم على القدم بل على إنكار آدم أبي البشر ، حيث زعموا أنّه لا أوّل لنوع البشر بل ولا لغيرهم من الأنواع المتوالدة كما هو المحكي عن الفلاسفة ، وأمّا الهنود والبراهمة فأكثرهم على نفي الأفلاك واستقلال الكواكب سيّما السيّارة وخصوصا الشمس في الآثار الواقعة وإيجاد الكينونات الحادثة وزعموا أنّه تعالى خلقها وفوّض إليها تدبير العالم واختفى هو في الملأ الأعلى وربّما يظهر لبعض المصالح في صور بعض الحيوانات واكثر ما يظهر في صورة البقر ، ولذا يبالغون في تكريمه وإعظامه ، ولهم غلوّ في القول بالحلول والتّناسخ وإنكار المعاد ، وقالوا : إنّ العالم ليس له أوّل ولا آخر ، ولا يزال يدور بين أدوار أربعة فالامتداد للدّور الأوّل ألف ألف سنة وسبعمائة ألف سنة وعشرون ألف سنة ، وللدّور الثّاني ألف ألف سنة ومائتا ألف سنة وتسعون ألف سنة ، وللدّور الثالث ثمانمائة ألف سنة وأربعة وستّون ألف سنة ، وللرّابع أربعمائة ألف سنة واثنان وثلاثون ألف سنة ، وزعموا أنّه قد مضى من الدّورة الرابعة ما يقرب من خمسة آلاف سنة ، وانّه إذا انقضت الأدوار فلا بدّ أن ينقلب العالم ويفنى أهله ، ثمّ يبتدأ من الدّور الأوّل أيضا من دون فصل ، وزعموا أنّه قد كانت الأعمار الطّبيعيّة لنوع البشر في الدّورة الأولى مائة ألف سنة ، وفي الثانية عشرة آلاف سنة ، وفي الثالثة ألف سنة ، وأنّه كان آدم ونوح في أواخر تلك الدّورة ، وفي الرابعة مائة وعشرين سنة.
وحكى شيخنا المجلسي عن الهنود : أن من كان منهم على رأي الفلاسفة فهو يوافقهم في القول بالقدم ، ومن لم يكن منهم على رأي الفلاسفة وقال بحدوث العالم