عذابي ، ويهدونهم إلى طاعتي ، ويسلكون بهم طريق سبيلي ، أجعلهم حجّة لي عذرا ونذرا وأنفي الشياطين من أرضي واطهّرها منهم ، فأسكنهم في الهواء وأقطار الأرض وفي الفيافي ، فلا يراهم خلقي ولا يرون شخصهم ، ولا يجالسونهم ولا يخالطونهم ولا يواكلونهم ولا يشاربونهم وانفرّ مردة الجنّ العصاة من نسل بريّتي وخلقي وخيرتي فلا يجاورون خلقي ، واجعل بين خلقي وبين الجان حجابا فلا يرى نسل خلقي شخص الجنّ ولا يجالسونهم ولا يشاربونهم ولا يتهجمون تهجمهم ، ومن عصاني من نسل خلقي الذي عظّمته واصطفيته لغيبي أسكنهم مساكن العصاة وأوردهم موردهم ولا أبالي ، فقالت الملائكة : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
فقال للملائكة : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (١) ، قال وكان ذلك من الله تقدمة للملائكة قبل أن يخلقه احتجاجا منه عليهم ، وما كان الله ليغيّر ما بقوم إلّا بعد الحجّة عذرا أو نذرا فأمر تبارك وتعالى ملكا من الملائكة فاغترف غرفة بيمينه فصلصلها في كفّه فجمدت فقال الله عزوجل منك أخلق (٢). الخبر على ما يأتي ان شاء الله.
وفي «الخصال» وتفسير «العياشي» وغيرهما عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : لقد خلق الله عزوجل في الأرض منذ خلقها سبعة عوالم ليس هم من ولد آدم خلقهم من أديم الأرض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه ، ثمّ
__________________
(١) الحجر : ٢٨ ـ ٢٩.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥٧ ص ٣٢٢ ـ ٣٢٥ ح ٥ عن قصص الراوندي.