خلق الله عزوجل آدم أبا البشر وخلق ذريّته منه ، ولا والله ما خلت الجنّة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ولا خلت النّار من أرواح الكفّار والعصاة منذ خلقها عزوجل ، لعلّكم ترون انّه إذا كان يوم القيامة وصيّر الله أبدان أهل الجنّة مع أرواحهم في الجنّة وصيّر أبدان أهل النّار مع أرواحهم في النّار انّ الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحّدونه؟ بلى والله ليخلقنّ الله خلقا من غير فحولة وأناث يعبدونه ويوحّدونه (١). الخبر وفي العلل عن الصّادق عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام إنّ الله تعالى لمّا أحبّ أن يخلق خلقا بيده ، وذلك بعد ما مضى من الجنّ والنسناس سبعة آلاف سنة ... الى أن قال عليهالسلام : فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات ، فصلصلها فجمدت ، ثم قال لها : منك أخلق النّبيّين والمرسلين وعبادي الصالحين والأئمّة المهتدين الدّعاة إلى الجنّة واتباعهم إلى يوم القيامة ، ولا أبالي ولا أسأل عمّا أفعل وهم يسألون ، يعني بذلك خلقه أنّه سيسألهم ، ثمّ اغترف غرفة من الماء المالح الأجاج فصلصلها فجمدت ، ثمّ قال لها : منّك أخلق الجبارين والفراعنة والعتاة اخوان الشّياطين والدّعاة إلى النّار يوم القيامة واتباعهم ولا أبالي ولا أسأل عمّا افعل وهم يسألون.
قال : وشرط في ذلك البداء ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء ثم خلط المائين فصلصلهما ثمّ ألقاهما قدام عرشه ، وهما ثلّة من طين ثمّ أمر لملائكة الجهات الأربع : الشمال والدبور والصبا والجنوب ، أن حوّلوا على هذا السلالة الطين وأبرئوها وأنشئوها ثمّ جزوها وفصلوها واجروا فيها الطبائع الأربعة الريح والمرة
__________________
(١) الخصال : ج ٢ ص ٣٥٨ ـ ٣٥٩.