ملك ساجدا أو راكع (١).
إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة التي يمكن تحصيل القطع منها بأنّها أجسام نورانيّة وان كانت غير مرئيّة إلّا بأسباب خاصّة وانّ لها أمكنة وأحيازا وأعضاء وجوارح وقوّة ونشاطا وقوتا من التّسبيح والتهليل وحركة وسكونا واجتماعا وافتراقا وقياما وقعودا وركوعا وسجودا وأصواتا وكلاما وعظما وأقدارا وغير ذلك من أحكام الأجسام وخواصها.
وحمل ذلك كلّه على الاستعارة والتّشبيه وانّه لو تجسّم بمقدار قوّته لكان كذا وكذا خروج عن الظّواهر المتظافرة التي هي الحجة من غير حجّة ، والمؤمن الموحّد لا يتجاسر على أدنى من ذلك ، فكيف بما هنالك ، ولو ساغ في الشريعة فتح باب أمثال هذه التأويلات والاحتمالات المشتملة على ما لا يخفى من التكلّف والتحمّل لما اخضرّ للدّين عود ، وما قام للإسلام عمود ، لكنّهم قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ولذا تراهم يتلاعبون بأحكام الشريعة ويستخفون باهلها ، ويتصرّفون بعقولهم القاصرة وفطرتهم المغيّرة وأحلامهم الناقصة في أحكامها الظّاهرة بلا برهان ولا دليل ، فأضلوا كثيرا وضلّوا عن سواء السبيل.
وبالجملة يجب التصديق والإذعان بما صحّ عنهم فيما لا تصل إليه عقولنا ، وقد سمعت أنّ الظّاهر من الكتاب والسّنة كونهم أجساما لطيفة نورانيّة كما عليه أكثر المسلمين ، نعم لا نأبى من القول بأن يكون هناك أصناف أخر من الملائكة غير جسمانيّة ، ولا متعلقة بالأجسام ، بل يكون فوق عالم الأجسام كملائكة العالين
__________________
(١) البحار : ج ٥٩ ص ١٨٥.