أصناف الملائكة ومراتبهم وأوصافهم وشؤونهم وعصمتهم وغير ذلك من أحوالهم فسيأتي كلّ في موضعه من الآيات المتعلّقة بها.
بقي الكلام في أنّ المراد بالملائكة في الآية هل هو الكل نظرا إلى دلالة الجمع المحلّى على العموم الاستغراقي فيشمل جميع الأفراد أو البعض المطلق لكون اللام اشارة إلى الماهيّة الجنسيّة الصّادقة على الكلّ والبعض ، والمراد أنّه خاطب هذا الجنس من أجناس العالم ، أو خصوص من حارب منهم بني الجان وأسروا إبليس ، فيكون اللّام للعهد بأحد الوجهين وأن لم يجر له ذكر في خصوص ظواهر الآيات وجوه بل أقوال.
وقد مرّ في العلوي المروي عن القصص أنّه سبحانه كشط عن أطباق السماوات ثمّ قال للملائكة أنظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجنّ والنّسناس هل ترضون أعمالهم وطاعتهم لي فلمّا اطلعوا ورأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدّماء والفساد في الأرض بغير الحقّ أعظموا ذلك وغضبوا لله (١) إلى آخر ما مرّ الظّاهر في كون الخطاب متوجّها إلى الجميع والعمدة عموم الكتاب الذي لم يظهر له مخصّص مضافا إلى ما ستسمع من كون المأمور بالسجود هو الجميع.
ولا يقدح فيه ما ورد عن أنّ أهل المدينتين اللّتين بالمشرق والمغرب لم يطّلعوا على خلق آدم (٢) لاستغراقهم في عبادته سبحانه ولعدم كونهم من الملائكة.
وكذا لا ينافيه ما روي عن النّبي صلىاللهعليهوآله قال : مررنا ليلة المعراج بملائكة من
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥٧ ص ٣٢٤ عن قصص الراوندي.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥٧ ص ٣٢٩.