ولذا اعترض عليهم المأمون لعنه الله في مجلس عقده للمناظرة معهم بمحضر الرّضا عليهالسلام فقال لهم وهم زهاء أربعين رجلا من علمائهم من أصحاب الحديث وأهل الكلام : أليس قد روت الأمّة بإجماع منها أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله قال : من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار (١) قالوا : بلى قال ورووا عنه عليهالسلام أنّه قال من عصى الله بمعصية صغرت أو كبرت ثمّ اتّخذها دينا ومضى مصرّا عليها فهو مخلّد بين أطباق الجحيم ، قالوا : بلى : فخبّروني عن رجل تختاره الأمّة فتنصبه خليفة هل يجوز أن يقال له خليفة رسول الله عليهالسلام ومن قبل الله عزوجل ولم يستخلفه الرّسول؟ فإن قلتم نعم كابرتم ، وإن قلتم لا وجب انّ أبا بكر لم يكن خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا كان من قبل الله عزوجل وانكم تكذبون على نبيّ الله ، وانّكم متعرّضون لأن تكونوا ممّن وسمه النّبي صلىاللهعليهوآله بدخول النّار ، وخبّروني في أيّ قوليكم صدقتم أفي قولكم مضى عليهالسلام ولم يستخلف أو في قولكم في أبي بكر يا خليفة رسول الله ، فإن صدقتم في قولين فهذا ممّا لا يمكن كونه إذ كانا متناقضين ، وإن صدقتم في أحدهما بطل الآخر.
إلى أن قال : خبّروني عن النّبي عليهماالسلام هل استخلف حين مضى أم لا؟ فقالوا : لم يستخلف ، قال : فتركه ذلك هدى أم ضلال؟ فقالوا هدى ، قال : فعلى النّاس أن يتّبعوا الهدى ويتنكبوا الضّلال ، قالوا : قد فعلوا ذلك ، قال ولم استخلف الناس بعده وقد تركه هو وترك فعله ضلال ومحال أن يكون خلاف الهدى ، وإذا كان ترك الاستخلاف هدى فلم استخلف ابو بكر ولم يفعله النّبي صلىاللهعليهوآله ولمّا جعل عمر الأمر بعده شورى بين المسلمين خلافا على صاحبه؟ وزعمتم أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله لم يستخلف
__________________
(١) هذا الحديث مرويّ عن الفريقين في كتبهم منها : كنز العمّال ج ٣ ص ٣٥٥.