وانّ أبا بكر استخلف وعمر لم يترك الاستخلاف كما تركه النّبي صلىاللهعليهوآله بزعمكم ولم يستخلف كما فعل أبو بكر وجاء بمعنى ثالث فخبّروني أيّ ذلك ترونه صوابا؟ فإن رأيتم فعل النّبي صلىاللهعليهوآله صوابا فقد خطأتم أبا بكر ، وكذلك القول في بقيّة الأقاويل ، وخبّروني أيّهما أفضل ما فعله النّبي بزعمكم من ترك الاستخلاف أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟ وخبّروني هل يجوز أن يكون تركه من النّبي صلىاللهعليهوآله هدى وفعله من غيره هدى فيكون هدى ضدّ هدى فأين الضلال حينئذ؟ وخبّروني هل وليّ أحد بعد النّبي صلىاللهعليهوآله باختيار الصّحابة منذ قبض النّبي صلىاللهعليهوآله إلى اليوم فإن قلتم لا فقد أوجبتم أنّ النّاس كلّهم على ضلالة بعد النّبي وإن قلتم نعم كذبتم الامّة وأبطل قولكم الوجود الذي لا يدفع إلى آخر ما ذكره على ما رواه في العيون (١).
ثمّ أنّ الخلافة بهذا المعنى ثابتة لنوع البشر لأنّ كلّ قرن منهم خلف أو خلف لسلف ، ولآدم وذرّيته ايضا لأنّ الله تعالى قد استخلفهم في الأرض بعد إهلاك النّسناس وبني الجان وغيرهم على ما مضى ويأتي ، وهذا المعنى هو الظاهر من بعض اخبار الباب.
ومنها : الولاية من الله تعالى بلا واسطة أو معها في تبليغ الاحكام ونشر الشرائع والقضاء بين الناس بشرط كون الولاية خاصة ناصّة من الله سبحانه ولو بلسان الرسول صلىاللهعليهوآله مع اقترانها بالعلم والفضيلة والعصمة فيكون الولي بهذا المعنى حجّة على غيره ممّن استخلف عليه ، وهذا المعنى هو الظّاهر من الآية على ما يستفاد من بعض الأخبار كالخبر المرويّ في «الكافي» و «العلل» و «تفسير القمي» وغيرها وفيه : أنّه قال جلّ جلاله : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) تكون حجّة لي
__________________
(١) العيون للصدوق : ج ٢ ص ١٩٧ ـ ١٩٨.