كان بالاطلاق ومقدمات الحكمة ، غاية الامر أنه تارة يقتضي العموم الشمولي ، وأخرى البدلي ، كما ربما يقتضي التعيين أحيانا ، كما لا يخفى. وترجيح عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو لاجل كون دلالته بالوضع ، لا لكونه شموليا ، بخلاف المطلق فإنه بالحكمة ، فيكون العام أظهر منه ، فيقدم عليه ، فلو فرض أنهما في ذلك على العكس ، فكان عام بالوضع دل على العموم البدلي ، ومطلق بإطلاقه دل على الشمول ، لكان العام يقدم بلا كلام (١).
______________________________________________________
(١) وحاصل الجواب عن دليله الاول ـ وهو ترجيح جانب تقييد اطلاق المادة لكونه بدليا ، وابقاء اطلاق الهيئة بحاله من دون تقييد لكونه اطلاقا شموليا ـ : ان الاطلاق في الهيئة والمادة وان كان كما ذكر : من كونه شموليا استغراقيا في الهيئة وبدليا في المادة ، إلّا ان مجرد ذلك لا يقتضي رجوع القيد إلى المادة بعد ان كان الاستغراقية في الهيئة والبدلية في المادة كل منهما مستفاد من الاطلاق ومقدمات الحكمة.
نعم ، لو كان الاستغراقية في الهيئة مستفادة من الوضع والبدلية في المادة مستفادة من الاطلاق لكان موجبا لترجيح تقييد المادة وابقاء اطلاق الهيئة بحاله.
وبعبارة اخرى : ان الترجيح انما يكون لأقوائية الدلالة ، لا لسعة المدلول. ومن الواضح ان الفرق بين الهيئة والمادة انما هو في سعة الهيئة بالاستغراقية وضيق المادة للبدلية ، واما الدلالة ففي كل منهما على حد سواء ، لأن كلا منهما مستفاد من الاطلاق.
والذي يدلك على ان المدار على اقوائية الدلالة دون سعة المدلول ان البدلية لو كانت مستفادة من الوضع ، والسعة والاستغراق مستفادة من الاطلاق لترجح تقييد الهيئة وابقاء المادة بحالها.
وبالجملة : ان الترجيح لعموم العام لانه وضعي على اطلاق المطلق لكونه بمقدمات الحكمة لأقوائية الدلالة الوضعية على الدلالة الاطلاقية ، وأما إذا كان كل