.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : ان حكم العقلاء باستحقاق الثواب والعقاب أو بمدح المطيع وذم العاصي ليس خاصا في خصوص الاطاعة والعصيان لعنوان يخص باب الاطاعة والعصيان ، بل لأن المورد من موارد القضية العامة : من حكمهم بحسن العدل ومدح فاعله وبقبح الظلم وذم فاعله جلبا للخير ودفعا للشر حفظا للنظام وابقاء للنوع وان انقياد العبد وطاعته عدل منه في مراسم العبودية ، وتجزؤه بعصيانه على مولاه ظلم وخروج عن مراسم الرقية ، فالمطيع فاعل للعدل فيستحق المدح والثواب جلبا للخير والعاصي فاعل للظلم فيستحق الذم والعقاب دفعا للشر.
الثالث : ان حكم العقل باستحقاق العبد للثواب والمدح وللعقاب والذم انما يتم بالنسبة إلى اوامر سائر الموالي وعبيدهم حيث يكون الغرض عائدا إلى المولى فيما امر به ونهى عنه ، واما بالنسبة إلى مولى الموالي وخلقه فلا يتم ذلك ، لوضوح ان الغرض من اوامره ونواهيه لا يعود اليه ، وكيف وهو أغنى الاغنياء؟ ولذا فصل بعضهم : بان الثواب منه تعالى على المطيع تفضل منه إذ العبد لم يفعل باطاعته الا ما يعود نفعه اليه لا إلى المولى ، واما في معصيته فانه تمرد منه على مولاه المتلطف به الذي نهاه عن شيء فعله مفسدة عليه ، وهو ظلم من العبد وخروج من مراسم العبودية وقانون الرقية بالنسبة لهذا المولى اللطيف به المتفضل عليه باخراجه له من ظلمة المفسدة ودركها بنهيه له عنها.
ولكن يمكن ان يقال : ان الحق عدم التفصيل في هذه القضية ، لانه بعد ما عرفت ان باب الاطاعة والعصيان انما هي من مصاديق القضيتين العقلائيتين وهما حسن العدل ومدح فاعله وقبح الظلم وذم فاعله ، فاطاعة العبد مولاه بما هي اطاعة منه له عدل منه ويستحق المدح عليها ، وعصيانه بما هو عصيان لمولاه وتمرد عليه ظلم منه لمولاه ويستحق الذم عليه ، وليس في هاتين القضيتين اناطة بالغرض الداعي إلى امر المولى ونهيه ، بل تراهم بالنسبة اليه ـ تبارك وتعالى ـ يقولون : ان مدحه ثوابه وذمه عقابه وبهذا تظافرت الاخبار في زيادة درجات المطيعين وما أعده لهم من جنانه