لا لكونها مطلوبات غيرية (١) والاكتفاء بقصد أمرها الغيري ، فإنما هو لاجل أنه يدعو إلى ما هو كذلك في نفسه حيث أنه لا يدعو إلا إلى ما هو المقدمة (١) ، فافهم.
______________________________________________________
(١) هذا هو الدفع لهذين الاشكالين.
وحاصله الذي به يندفع الاشكالان معا : هو ان ذا المقدمة توقفه يختلف فتارة يتوقف على ذات الشيء ، واخرى يكون توقفه على الشيء بما هو عبادة فيكون بما هو عبادة مقدمة ، فلا تتحقق مقدميته إلّا إذا أتى به عبادة.
وبعبارة اخرى : ان الطهارات الثلاث بذاتها عبادات ومستحبات نفسية وهي مقدمة للواجب كالصلاة والطواف ـ مثلا ـ بما هي عليه بذاتها وذاتياتها ، فاذا كانت بذاتها وبنفسها امورا عبادية فلا بد إذا توقف عليها الواجب ان تتحقق بما هي عليه وتحققها بما هي عليه يلزمه قصد القربة ، فقصد القربة فيها لا لاقتضاء الامر الغيري للقربية ، بل الامر الغيري يدعو إلى تحقق هذه الطهارات وتحقق هذه الطهارات لا يكون إلّا باتيانها بقصد القربة لتوقف تحققها بذاتها على قصد القربة ، فلا بد من اتيانها بقصد القربة لتتحقق ، لا لأن الامر الغيري يدعو إلى قصد القربة بل الامر الغيري يدعو إلى تحققها كما يدعو إلى ايجاد سائر المقدمات لتوقف الواجب عليها ، واما عباديتها فلأن تحققها بذاتها يتوقف على قصد القربة ، وبهذا اندفع الاشكالان اما الاشكال الاول وهو ان اتيانها يقتضي الثواب فليس ذلك الاقتضاء من الامر الغيري فيها دون ساير المقدمات ، بل لأنها بنفسها عبادة والعبادة اتيانها يقتضي ثوابا وقربا ، فثوابها لذاتها ولانها بنفسها مستحبات نفسية لا لأن امرها الغيري يقتضي ثوابا وقربا ، والى هذا أشار بقوله : «فالتحقيق ان يقال : إن المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة» لا لأجل امرها الغيري.
واندفع الاشكال الثاني ـ أيضا ـ وهو كون الامر الغيري توصليا لا عباديا بل حيث لا اطاعة له ولا قرب فيه ليس فيه قابلية المقربية. فكيف تقع هذه الطهارات