ولانه لو كان معتبرا فيه الترتب ، لما كان الطلب يسقط بمجرد الاتيان بها ، من دون انتظار لترتب الواجب عليها ، بحيث لا يبقى في البين إلا طلبه وإيجابه ، كما إذا لم تكن هذه بمقدمته ، أو كانت حاصلة من الاول قبل إيجابه ، مع أن الطلب لا يكاد يسقط إلا بالموافقة ، أو بالعصيان والمخالفة ، أو بارتفاع موضوع التكليف ، كما في سقوط الامر بالكفن أو الدفن ، بسبب غرق الميت احيانا أو حرقه ، ولا يكون الاتيان بها بالضرورة من هذه الامور غير الموافقة (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو البرهان الثالث الذي أشار اليه في عدم تقييد المقدمة الواجبة بالموصلة.
وتوضيحه : ان سقوط الامر ينحصر في ثلاثة اشياء : موافقته واطاعته باتيان متعلقه ، وبعصيانه وترك الاتيان بما امر به حتى يفوت محلّه ، وبانعدام موضوع الامر كما في ما لو غرق الميت فانه يسقط الامر المتعلق بوجوب غسله ودفنه لارتفاع موضوع التكليف بسبب غرق الميت ، أو بأن يكون موجودا قبل تعلق الامر كما في المقدمة الموجودة قبل تنجز الأمر بذيها.
ولا اشكال أيضا في ان الامر المتعلق بالمقدمة لا يعقل بقاؤه بعد اتيان المكلف بها قبل اتيانه بذي المقدمة ، إذ الامر انما هو بداعي جعل الداعي إلى متعلقه. ومن الواضح انه بعد الاتيان بالمقدمة لا مجال لجعل الداعي من المولى لها بعد اتيان المكلف بها ، فلا بد من الالتزام بسقوط الامر المقدمي بعد الاتيان بالمقدمة وقبل الاتيان بذيها ، ولازم الالتزام بسقوط الامر في ذلك الوقت هو كون الواجب بالوجوب المقدمي غير متقيد بالايصال ، فانه لو كان متقيدا بالايصال لما كان من المعقول سقوطه قبل الاتيان بذي المقدمة ، اذ متعلق الامر هو المقدمة التي يترتب عليها الواجب ، وقبل الاتيان بذي المقدمة لا توصف المقدمة المطلوبة بانها مما ترتب عليها الواجب ، فسقوط الامر المقدمي قبل اتيان ذي المقدمة دليل على ان متعلق الامر هو ذات ما هو المقدمة لا المقدمة المقيدة بالايصال ، وقد أشار المصنف إلى الجزء الاخير من البرهان