الطيران الممكن عقلا فهي ـ أيضا ـ راجعة إلى العقليّة ، ضرورة استحالة الصعود بدون مثل النصب عقلا لغير الطائر فعلا ، وإن كان طيرانه ممكنا ذاتا (١) ،
______________________________________________________
(١) هذا القسم الثالث ، وهو المقدمة العاديّة ـ فقد عرفت فيما تقدم انهم قسموا المقدمة إلى عقلية وشرعية وعادية ، وقد مر الكلام في العقلية والشرعية.
وأما العادية : فهي التي اقتضت العادة إتيانها وقد أشار المصنف إلى نحوين منها ، ولها انحاء أخر ولكن لا موجب لذكرها لخروجها كالنحو الاول الذي أشار اليه في الخروج عن محل النزاع.
النحو الاول : أن يكون توقف ذي المقدمة على هذه المقدمة بالخصوص ، لأن العادة جرت على إتيان هذه المقدمة ، ولكن ليس لذي المقدمة توقف على خصوص هذه المقدمة ، كما لو كان هناك طريقان كل منهما موصل إلى الغاية المأمور بها ولكن العادة جرت على سلوك هذا الطريق ، فهذه المقدمة يصح ان تكون في قبال المقدمة العقلية ، لوضوح أن المقدمة العقلية هي التي يستحيل عقلا إتيان ذي المقدمة بدونها ، وهذه المقدمة العادية لا يستحيل إتيان ذي المقدمة بدونها لإمكان سلوك الطريق الآخر الذي لم تجر العادة بسلوكه ، ولكن لا دخالة لها في محل النزاع من كون مقدمة الواجب واجبة ، فإن الكلام في وجوب المقدمة التي يستحيل وجود الواجب بدونها ، فالقائل بوجوب مقدمة الواجب لا يقول بوجوب خصوص هذه المقدمة العادية ، لأن الذي يستحيل وجوب الواجب بدونه هو طي المسافة لا خصوص هذه المقدمة التي جرت العادة بسلوكها ، فلا وجه لجعلها قسما من أقسام مقدمة الواجب التي هي محل النزاع ، ولذا قال (قدسسره) : «فهي وإن كانت غير راجعة إلى العقلية إلّا انه لا ينبغي توهم دخولها في محل النزاع».
النحو الثاني : أن تكون المقدمة مما يستحيل تحقق ذي المقدمة بدونها إلّا ان العادة اقتضت هذه الاستحالة ، وذلك كنصب السلم للأجسام الثقيلة للصعود على السطح التي ليس لها قدرة الطيران ، وليس لها من القوة الخارقة للعادة بحيث تستطيع