وأما التفصيل بين الشرط الشرعي وغيره ، فقد استدل على الوجوب في الاول بأنه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا ، حيث أنه ليس مما لا بد منه عقلا أو عادة.
وفيه ـ مضافا إلى ما عرفت من رجوع الشرط الشرعي إلى العقلي أنه لا يكاد يتعلق الامر الغيري إلا بما هو مقدمة الواجب ، ولو كانت مقدميته
______________________________________________________
المقدمة الاختيارية المسبب فيها مباشري تتحرك العضلات اليه ، والاستدلال يدل على ان القدرة مناط التكليف ، ففي الفعل الارادي تتحرك العضلات نحو المسبب فيصح التكليف به ولا يتعلق بمقدمته وجوب وان كانت مقدورة لارشاد العقل اليها ، وفي الامور التوليدية لا يتعلق التكليف بالمسبب لانه غير مقدور ، فالمتعلق للتكليف هو السبب دون المسبب.
ولا يخفى ان لازم ذلك كون المقدمة السببية التوليدية وجوبها نفسي لا مقدمي غيري.
وعلى كل فقد اورد عليه المصنف بايرادين :
الأول : ان لازم هذا الاستدلال كون التكليف المتعلق بالمقدمة نفسيا لا غيريا ، فلا يكون هذا تفصيلا في التكليف الغيري المقدمي بين السبب وغيره ، والى هذا أشار بقوله : «وفيه من انه ليس بدليل على التفصيل» إلى آخره.
الثاني : ان القدرة التي هي شرط في التكاليف اعم من القدرة بلا واسطة وهي الموجودة في المسببات المباشرية والقدرة مع الواسطة وهي الموجودة في التكاليف بالمسببات التوليدية ، فالمسبب التوليدي مقدور عليه بالقدرة على سببه ، ولا يعتبر في صحة تعلق التكليف بشيء الا كونه مقدورا عليه ولو بالواسطة والى هذا أشار بقوله : «مع وضوح فساده ضرورة ان المسبب مقدور للمكلف» إلى آخر كلامه. ولا يخفى ان هذا الجواب الثاني يصلح جوابا حتى على ما احتملناه : من ان مراد المفصل هو وجوب خصوص المقدمات التوليدية كما لا يخفى.