.................................................................................................
______________________________________________________
وان رأى اتحاد الموضوع إلّا ان العرف يرى ان الاستحباب غير الوجوب والكراهة غير الحرمة فهما عنده من المتضادات ، والعرف هو المحكم في بقاء موضوع الاستصحاب فلا يجري الاستصحاب. وتحقيقه مفصلا موكول إلى باب الاستصحاب فراجع. وقد أشار المصنف إلى ما ذكرناه أولا من جريان الاستصحاب في ذي المراتب المتفاوتة بالشدة والضعف فيما اذا كان المرتفع والمشكوك متصلين كما اذا كان المرتفع هو البياض الشديد والمشكوك هو مرتبة ضعيفة من ذلك البياض الذي كان موجودا بمرتبته الشديدة لا بياضا ضعيفا آخر بقوله : «ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية او الضعيفة المتصلة بالمرتفع» كما عرفت من لزوم كون المشكوك هو المرتبة الضعيفة من ذلك البياض الموجود بمرتبته الشديدة لا بياضا آخر «بحيث يعد عرفا انه باق لا انه امر حادث غيره» : أي عند العرف ان المشكوك ليس امرا حادثا غير الذي كان سابقا بل ما كان سابقا هو المشكوك فعلا عنده ، واذا كان كذلك فيجري الاستصحاب لتمامية أركانه ، بل قد عرفت انه كذلك بنظر العقل ـ أيضا ـ وان الاستصحاب شخصي لا كلي ، وقد أشار الى ان العرف والعقل لا يريان ذلك في الاحكام ، بل الاحكام عندهما من المتضادات عدا الاستحباب والوجوب والحرمة والكراهة بقوله : «ومن المعلوم ان كل واحد من الاحكام مع الآخر عقلا وعرفا من المباينات والمتضادات غير الوجوب والاستحباب» وانما اقتصر على الوجوب والاستحباب ولم يذكر الحرمة والكراهة لان الكلام في نسخ الوجوب لا في نسخ الحرمة ، وإمكان استصحاب المرتبة الضعيفة من الارادة التي كانت في ضمن ارادة الوجوب.
ولا يخفى انه يمكن ان يكون هذا الملاك للقول بانه اذا نسخ الوجوب فالباقي بعد ذلك هو الاستحباب.
وعلى كل «فانه وإن كان بينهما» : أي بين الوجوب والاستحباب «التفاوت بالمرتبة والشدة والضعف عقلا» فان الاستحباب هو المرتبة الضعيفة من الارادة