وأما المعرفة ، فلا يبعد القول بوجوبها ، حتى في الواجب المشروط بالمعنى المختار قبل حصول شرطه ، لكنه لا بالملازمة ، بل من باب استقلال العقل بتنجز الاحكام على الأنام بمجرد قيام احتمالها إلا مع الفحص واليأس عن الظفر بالدليل على التكليف ، فيستقل بعده بالبراءة ، وإن العقوبة على المخالفة بلا حجة وبيان ، والمؤاخذة عليها بلا برهان (١).
______________________________________________________
عليها ورجوع القيد إلى المادة ، ولكن لو كانت هناك مقدمات اخرى لم يعلّق عليها الطلب «لتعلق بها الطلب في الحال» لأن الوجوب فعلي.
(١) تعلم الاحكام ومعرفتها باوامرها ونواهيها مما لا اشكال في وجوبه ، لقيام الاجماع والاخبار على ذلك ، كما ذكروا ذلك عند البحث في هذه المسألة مفصلا في شرائط الاصول من مباحث البراءة ، وقد وقع الكلام في ان وجوبها هل هو وجوب مقدمي أو انه نفسي أو انه عقلي ارشادي ، واذا امكن القول : بان وجوبها مقدمي في الواجبات المطلقة فلا يمكن القول به في الواجبات المشروطة لعدم الوجوب قبل تحقق الشرط ، فانه إذا كان ذو المقدمة غير واجب قبل تحقق شرطه فلا يعقل القول بوجوب المقدمة الساري وجوبها اليها من وجوب ذيها ، وهذا الاشكال هو السبب في التعرض لها في المقام ، فانه بناء على الواجب المشروط وان القيد راجع إلى الهيئة وانه لا وجوب قبل تحقق الشرط لازمه عدم وجوب المعرفة قبل تحقق الشرط ، لأن المقدمة تابعة في الاطلاق والاشتراط لذيها ـ بناء على كون وجوب المعرفة وجوبا مقدميا ـ ولا يمكن القول : بان وجوب المعرفة وجوب مقدّمي ، لانه قد قام الاجماع والاخبار على وجوب المعرفة مطلقا في الواجبات المطلقة والمشروطة.
وقد اختار المصنف ان وجوبها ليس وجوبا مقدميّا من باب الملازمة بينها وبين وجوب ذيها ، بل هي واجبة لاستقلال العقل بوجوبها بملاك وجوب الفحص عن اوامر المولى ونواهيه عقلا لئلا يقع العبد في مخالفة المولى في احكامه المنجزة ، فإن العبد