الجواب الثاني : ان العلم الاجمالي الذي تضمّ أطرافه كلّ الشبهات يسقط عن المنجّزيّة باختلال الركن الثالث (١) من الاركان الأربعة التي يتوقّف عليها تنجيزه ، وقد تقدّم شرحها في الحلقة السابقة ، وذلك لأنّ جملة من أطرافه قد تنجّزت فيها التكاليف بالامارات والحجج الشرعيّة المعتبرة من ظهور آية وخبر ثقة واستصحاب مثبت للتكليف ، وفي كل حالة من هذا القبيل تجري البراءة في بقية الأطراف ، ويسمّى ذلك بالانحلال الحكمي (٢) كما تقدّم.
وقد قيل في تقريب فكرة الانحلال الحكمي في المقام ـ كما عن السيد الاستاذ (٣) ـ بانّ العلم الاجمالي متقوّم بالعلم بالجامع والشك في
__________________
(١) وهو ـ على ما في الحلقة الثانية بحث «تحديد أركان هذه القاعدة» ـ الثالث ان يكون كلّ من الطرفين مشمولا في نفسه ـ وبقطع النظر عن التعارض الناشئ من العلم الإجمالي ـ لدليل اصالة البراءة ، إذ لو كان احدهما مثلا غير مشمول لدليل البراءة لسبب آخر لجرت البراءة في الطرف الآخر بلا محذور.
(٢) لأنّ العلم الاجمالي بوجود امارات مصيبة للواقع ضمن الامارات الغير معتبرة وممّا هي غير موجودة في الامارات المعتبرة باق فعلا ، ولذلك لا يعتبر هذا الانحلال حقيقيا ، بل يعتبر حكميا وذلك لعدم جريان البراءة في موارد الحجج والاستصحاب المثبت للتكليف ، فتجري الاصول المؤمّنة في الموارد الاخرى بلا معارض ، وهذا ما يسمّونه بالانحلال الحكمي. وقد شرح السيد المصنّف الفرق بين الانحلال الحكمي والانحلال الحقيقي في الحلقة الثانية ـ بحث «تحديد أركان هذه القاعدة» عند قوله «ويختلّ الركن الثالث» بشكل جيّد فراجع
(٣) راجع مصباح الاصول ج ٢ ص ٣٠٣ فما بعد ، فانه رحمهالله يقول بالوجه