فيتنجّز الوجوب بمقدار اضافته إلى الجامع ، لان هذا هو المقدار الذي تمّ عليه البيان ويؤمّن عنه بما هو مضاف الى الفرد ، وهذا التبعيض في تطبيق البراءة العقلية معقول وصحيح ، بينما لا يطّرد في البراءة الشرعية ، لأنّها مفاد دليل لفظي وتابعة لمقدار ظهوره العرفي ، وظهوره العرفي لا يساعد على ذلك (١).
وإن كان المقصود التعارض بين الاصول المؤمّنة الشرعية خاصّة (*) فهو صحيح ، ولكن كيف يرتّب على ذلك تنجّز التكليف بالاحتمال ، مع أن الاحتمال مؤمّن عنه بالبراءة العقلية على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وصفوة القول انه على هذا المسلك لا موجب لافتراض التعارض
__________________
(١) اي أن ظهور ادلة البراءة الشرعية كحديث الرّفع لا يساعد على هكذا تبعيض ، بأن نجري الاصول الشرعية المؤمّنة في بعض أطراف العلم الاجمالي ، مع حكم العقل بالتنجّز بمقدار الجامع ، لأن العرف يرى أن هذا الشكّ مقترن بالعلم بنجاسة احد الاناءين مثلا فلا يرى ان حالات العلم الاجمالي موردا لادلّة الاصول المؤمّنة بحيث يجوز لنا شرب أحد الإناءين.
__________________
(*) قلنا قبل قليل بانّا نكاد نجزم بأنّ مراد المحقق النائيني (قده) هو هذا الاحتمال الثاني ، فانا لا نرى وجها لحكم العقل بالبراءة في بعض او كل اطراف العلم الاجمالي ، هذا على رأي من يرى البراءة العقلية في الشبهات الموضوعيّة البدوية ، وأمّا على الوجه الآخر وهو لزوم الاحتياط في الشبهات الموضوعية البدوية فالامر أوضح.
(وعليه) فلا إشكال في وجوب الموافقة القطعية على راي المحقق النائيني ايضا لعدم وجود مؤمّن لا شرعي ولا عقلي ... كما ثبت ذلك على رأي المحقّقين العراقي والاصفهاني (رحمهماالله).