العلم فمن الواضح ان التنزيل لا يمكن ان يكون ناظرا الى الانحلال لأنّه أثر تكويني للعلم [وليس أثرا شرعيا] وليس بيد المولى توسيعه ، وإن كان مفاد دليل الحجية اعتبار الامارة علما على طريقة المجاز العقلي فمن المعلوم ان هذا الاعتبار لا يترتب عليه آثار العلم الحقيقي التي منها الانحلال ، وانما يترتّب عليه آثار العلم الاعتباري.
فان قيل : نحن لا نريد بدليل الحجية ان نثبت الانحلال الحقيقي بالتعبد لكي يقال بانّه أثر تكويني تابع لعلّته ولا يحصل بالتعبّد تنزيلا أو اعتبارا ، بل نريد استفادة التعبّد بالانحلال من دليل الحجيّة ، لأنّ مفاده التعبّد بالغاء الشك والعلم بمؤدّى الامارة ، وهذا بنفسه تعبّد بالانحلال ، فهو انحلال تعبّدي ...
كان الجواب على ذلك : أنّ التعبّد المذكور ليس تعبّدا بالانحلال ، بل بما هو علّة للانحلال ، والتعبّد بالعلّة لا يساوق التعبّد بمعلولها.
أضف إلى ذلك ان التعبّد بالانحلال لا معنى له ولا أثر لأنّه إن اريد به التأمين بالنسبة إلى الفرد الآخر بلا حاجة إلى إجراء أصل مؤمّن فيه فهذا غير صحيح ، لأنّ التأمين عن كل شبهة بحاجة إلى أصل مؤمّن حتّى ولو كانت بدوية ، وإن اريد بذلك التمكين من إجراء ذلك الأصل في الفرد الآخر فهذا يحصل بدون حاجة الى التعبّد بالانحلال ، وملاكه (١) زوال
__________________
لأنّ هذه العلية والمعلولية امور تعبدية اعتبارية وليست تكوينية لكي يتلازما دائما كما في التلازم بين الخالق والمخلوق فانه لا خالق إلّا بعد خلقه للمخلوق ، ولا مخلوق إلّا وله خالق ..
(١) اي وملاك إجراء الاصل المؤمن في الطرف الآخر ...