الصياغة إنما تلائم إنكار القول بعلّية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية ، إذ بناء على هذا الانكار يتوقّف تنجّز وجوب الموافقة القطعية على التعارض بين الاصول المؤمّنة (١) ، وامّا على القول بالعلّية ـ كما هو مذهب المحقّق العراقي ـ فلا تصحّ الصياغة المذكورة ، لأنّ مجرّد كون الاصل في احد الطرفين لا معارض له لا يكفي لجريانه ، لأنّه ينافي علّية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية ، فلا بدّ من افتراض نكتة في الرّتبة السابقة تعطّل العلم الاجمالي عن التنجيز ليتاح للأصل المؤمّن ان يجري ، ومن هنا صاغ المحقّق المذكور الركن الثالث صياغة اخرى.
وحاصلها (٢) : إن تنجيز العلم الاجمالي يتوقّف على صلاحيّته لتنجيز معلومه على جميع تقاديره ، فإذا لم يكن صالحا لذلك فلا يكون منجّزا ، وعلى هذا فكلّما كان المعلوم الاجمالي على احد التقديرين غير صالح للتنجّز بالعلم الاجمالي (٣) لم يكن العلم الاجمالي منجّزا ، لأنّه
__________________
(١) هذا التوقّف إنّما هو على مسلك المحقّق النائيني ومن نحا نحوه.
(٢) مراد المحقّق العراقي (قده) ان العلم الاجمالي انما يكون منجّزا إذا كان المعلوم الواقعي (الضائع بين الطرفين مثلا) منجّزا على كل تقدير ، اي على تقدير ان يكون النجس هو الاناء (أ) يشترط ان يكون هذا الاناء ـ لنجاسته ـ منجّزا علينا وجوب الاجتناب عنه ، بان لا نكون مضطرّين إلى استعماله بعينه مثلا ، وإلّا فلا يعود منجّزا للتكليف ، وكذا على تقدير ان يكون النجس الواقعي هو الاناء (ب).
(٣) كما لو كان أحدهما المعيّن مضطرّا إليه ، فعلى تقدير كونه هو النجس الواقعي فلا يجب اجتنابه للاضطرار إليه ، اي لا يكون العلم الاجمالي ـ على هذا التقدير ـ منجّزا.