غير انّ الصحيح ان مفاده هو الحجيّة التخييريّة ، لأنّ دليل الحجيّة هنا هو السيرة العقلائية وهي منعقدة على الحجيّة بهذا المقدار (*).
التقريب الثاني : انّ الرّكن الرابع من اركان التنجيز المتقدّمة مختلّ ، وذلك لأنّ جريان الاصول في كل اطراف العلم الاجمالي لا يؤدّي إلى فسح المجال للمخالفة القطعية عمليا والاذن فيها ، لاننا نفترض كثرة الاطراف بدرجة لا تتيح للمكلّف اقتحامها جميعا ، وفي مثل ذلك تجري
__________________
(*) الحقّ ان يقال إنّه إذا استعمل المكلّف بعض اطراف العلم الاجمالي بمقدار المعلوم بالاجمال ينعدم ح العلم بالفرد الواقعي ، فيكون استعمال الباقي أقلّ محذورا لعدم علمنا بوجود النجس الواقعي ضمن الباقي ، وقد رددنا هذا القول سابقا ص ١٨١ ـ ١٨٣ بتفصيل اكثر فراجع.
ونضيف هنا قولنا بأنّ من يعلم بنجاسة إناء من مائة إناء وفرضنا حصول الاطمئنان بطهارة أيّ إناء نعينه وشربناه ، وهكذا الى ان استعملنا عشرة منها ، فما المانع بعد ذلك في ان نستعمل الباقي ولو بالتدريج ، بان نقول نحن مطمئنّون بعدم انطباق الفرد النجس واقعا على هذا فنستعمله ... (بل) إنّ وقوفنا على حد معين كالواحد والاثنين باعث على الاستهجان خاصّة بعد علمنا بعدم وجود دليل على حرمة المخالفة القطعية في امثال هذه الموارد ، لا بل الدليل على جوازها موجود وهو الذي ذكرناه مفصّلا في حاشية الجزء الاوّل ص ٦٠ ـ ٦٢ فراجع.
وسيأتيك اعتراف السيد الشهيد في البيان الثاني بعدم وجود مانع عند العقلاء من جريان الاصول المؤمّنة في كل اطراف العلم الاجمالي مع كثرة الاطراف ، وعدم المانع عندهم من ارتكاب الكل ـ في بيان الاستدلال بالاطمئنان ـ أولى وعلى الاقل يماثله في عدم وجود مانع عند العقلاء من ارتكاب كل الأطراف.