بمقدار مدلول أدلتها ولا تتعدى إلى أزيد منها بمجرد ثبوت الملازمة الواقعية بينه وبين ما ثبت ، إنما هو فيما لم يكن الحكم الظاهري الثابت بالأصل موضوعا لذلك الحكم الآخر ، وإلا كما هنا فلا.
وبعبارة أخرى : فرق بين أن يكون ثبوت الحكم الآخر لثبوت موضوعه ولو بالأصل ، أو يكون لمجرد ثبوت حكم في موضوع آخر. والممنوع منهما هو الثاني دون الأول. فثبوت الحكم الآخر في المثال الثاني المشار إليه في كلام التوني قدسسره إنما هو لثبوت موضوعه بالأصل وهو القلة ، نظير الاستطاعة التي ثبتت بأصالة البراءة من الدين المترتب عليها وجوب الحج ، من دون فرق بينهما. لكن يظهر الفرق بينهما من صاحب القوانين قدسسره حيث قال : إن التمسك بأصالة عدم الكرية صحيح ، ولا يوجب ذلك الحكم بوجوب الاجتناب عما لاقاه ، لمعارضته باستصحاب طهارة الماء وطهارة الملاقي.
واعترض عليه في الفرائد : بأنه لم يعرف وجه فرق بينهما. وهو في محله ، بناء على ما لعله الأظهر من تقدم الأصل السببي على المسببي ، وإلا فلا. وكيف كان فإعمال الأصل في المثال الثاني إما لا مانع عنه أو المانع منه هو معارضته بمثله ، لا ما زعمه الفاضل المزبور.
هذا كله ما يتعلق بالمثالين الأولين ، وأما المثال الثالث ـ الذي كان سبق أحد الحادثين على الآخر بعد العلم بحدوثهما معا مشكوكا ـ فهو على قسمين : أحدهما أن يكونا مجهولي التاريخ. وثانيهما أن يكون أحدهما مجهول التاريخ دون الآخر. والأول إما لا يحتمل فيه التقارن ، كما إذا كان تقدم أحدهما على الآخر معلوما إجمالا وكان الشك في تعيينه ، أو يحتمل فيه