قبل طبعه الذميم وأتي من قبل تصوره السقيم ووجه تبيينه أن محبة علي علیهما السلام فرع على محبة النبي صلی الله علیه وسلم وتصديقه في جميع ما جاء به ومحبة النبي صلی الله علیه وسلم وتصديقه فرع على معرفة الله تعالى ووحدانيته والعمل بأوامره واجتناب نواهيه والأخذ بكتابه وسنة نبيه صلی الله علیه وسلم ومن المعلوم أن الناس كافة لو خلقوا على هذه الفطرة لم يخلق الله النار وكيف يحب عليا من خالف مذهبه في علمه وحلمه وزهده وورعه وصلاته وصيامه ومسارعته إلى طاعات الله وإقدامه والأخذ بكتاب الله في تحليل حلاله وتحريم حرامه ومجاهدته في ذات الله شارعا لرمحه شاهرا لحسامه (١) وقناعته بخشونة ملبسه وجشوبة مأكله (٢) وانتصابه في محرابه يقطع الليل بصالح عمله وهذه أوصاف لا يستطيعها غيره من العباد ولكنه قَالَ علیهما السلام أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَقَدْ وَصَفَ شِيعَتَهُ فَقَالَ إِنَّهُمْ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الطَّوَى عُمْشُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ (٣).
وَقَالَ علیهما السلام وَقَدْ سَأَلَهُ هَمَّامٌ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ هَمَّامٌ هَذَا رَجُلاً عَابِداً وَالْكَلَامُ مَذْكُورٌ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ أَذْكُرُ مِنْهُ شَيْئاً ـ : فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا (وَالضَّمِيرُ لِلدُّنْيَا) هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَمَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّذِي نَزَلَتْ فِي الرَّخَاءِ وَلَوْ لَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ لَهُمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمُ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وَحَاجَتُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ
________________
(١) الحسام ـ بضم الحاء ـ : السيف القاطع.
(٢) جشب الطعام : غلظ.
(٣) خمص البطن : فرغ وضر اى عزل ودق وقل لحبه والطرى : الجوع وعمشت عينه : ضعف بصرها مع سيلان دمعها في اكثر الاوقات.