تَرَكَ الْحَقَّ عَهْداً مَعْهُوداً قَبْلَ يَوْمِهِ هَذَا
وَمِنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْكِنْدِيِّ قَالَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ فَأَتَى الْمَدِينَةَ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم مُتَوَافِرُونَ فَجَلَسَ فِي حَلْقَةٍ بَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ أَمَا كُنْتُ أَحَقَّ وَأَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنِ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَبِمَ قَالَ لِأَنِّي ابْنُ عَمِّ الْخَلِيفَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً قَالَ هَذَا إِذًا يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْكَ لِأَنَّ أَبَا هَذَا قُتِلَ قَبْلَ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ فَانْصَاعَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أي انفتل أو كلمة نحو هذا وَأَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ قَالَ وَأَنْتَ يَا سَعْدُ الَّذِي لَمْ تَعْرِفْ حَقَّنَا مِنْ بَاطِلِ غَيْرِنَا فَتَكُونَ مَعَنَا أَوْ عَلَيْنَا قَالَ سَعْدٌ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الظُّلْمَةَ قَدْ غَشِيَتِ الْأَرْضَ قُلْتُ لِبَعِيرِي هِخْ (١) فَأَنَخْتُه حَتَّى إِذَا اسْتَقَرَّتْ مَضَيْتُ قَالَ وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ الْمُصْحَفَ يَوْماً بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَا وَجَدْتُ فِيهِ هِخْ فَقَالَ أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ قَالَ لَتَجِيئَنِّي بِمَنْ سَمِعَهُ مَعَكَ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ قَالَ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ فَقَامَ وَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ فَبَدَأَ مُعَاوِيَةُ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْكَذَّابَةَ قَدْ كَثُرَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعْدَهُ فَلَا يَزَالُ قَائِلٌ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ فَإِنَّ سَعْداً رَوَى حَدِيثاً زَعَمَ أَنَّكِ سَمِعْتِهِ مَعَهُ قَالَتْ مَا هُوَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ قَالَتْ صَدَقَ فِي بَيْتِي قَالَهُ فَأَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ فَقَالَ الْآنَ أُلْزِمَ مَا كُنْتُ عِنْدِي وَاللهِ لَوْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا زِلْتُ خَادِماً لِعَلِيٍّ حَتَّى أَمُوتَ.
قلت فانظر هداك الله إلى سلوك طريقه وأيدك بمعرفة توضح لك بطل كل أمر من حقه إلى معاوية واستمراره على بغيه وعنقه (٢) في سبل غيه ومكابرته الحق اللائح وتنكبه الجدد الواضح وعدوله عن السنن وبقائه على غمط حق أبي الحسن وكيف تستر الشمس بالنقاب أو يقاس الشراب بالسراب فإنه قد
________________
(١) كلمة يتكلم بها عند اناخة البعير.
(٢) العنق ـ محركة ـ : سير للدابّة.