والنهي عن التخلف عنه وكونه مع الحق والقرآن وكونهما معه لا يفارقانه حتى يردا معه الحوض يوم القيامة حسب ما رواه الرواة والأثبات من علماء الجمهور نقلا عن جلة الصحابة وأعيان التابعين ما يكتفي به من أراد الحق وطلبه ورغب في الهدى ومال إليه فأما من جنح إلى الهوى وتورط في العمى وتبع كل ناعق فذاك لا يهتدي إلى صواب ولا يفرق بين مسألة وجواب فهو يخبط خبط العشواء (١) ويهوي على أم رأسه في غياهب الظلماء (٢) ولا يتبع دليلا ولا يسلك سبيلا ضال تابع ضلال وجاهل مقلد جهال فلا طمع في هدايته ولا رغبة في إنقاذه من هوة غوايته (٣) وإنما خاطب الله تعالى ذوي العلم وأرباب الفهم الذين عضدهم الله بمعاونة التوفيق وهداهم إلى سواء الطريق فهم يستخرجون الغوامض بالفكر الدقيق وينظرون إلى الغيب من وراء ستر رقيق (وَقَلِيلٌ ما هُمْ).
ونذكر هاهنا ما ورد في تفضيله علیهما السلام على الأصحاب صريحا وبالله المستعان.
نَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم قُمْ بِنَا يَا بُرَيْدَةُ نَعُودُ فَاطِمَةَ فَلَمَّا أَنْ دَخَلْنَا عَلَيْهَا أَبْصَرَتْ أَبَاهَا دَمَعَتْ عَيْنَاهَا قَالَ مَا يُبْكِيكِ يَا ابْنَتِي قَالَتْ قِلَّةُ الطُّعْمِ وَكَثْرَةُ الْهَمِّ وَشِدَّةُ السُّقْمِ قَالَ لَهَا أَمَا وَاللهِ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِمَّا تَرْغَبِينَ إِلَيْهِ يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكِ خَيْرَ أُمَّتِي أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَأَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً وَاللهِ إِنَّ ابْنَيْكَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ لِلدُّولَابِيِّ (٤) بِخَطِّ الشَّيْخِ
________________
(١) العشواء : الناقة التي لا تبصر امامها فهي تخبط بيديها كل شيء إذا مشت لا تتوقى شيئا وقولهم [هو يخبط خبط عشواء] اى يتصرف في الأمور على غير بصيرة.
(٢) الغياهب جمع الغيهب : الشديد السواد من الليل.
(٣) الهوة : ما انهبط من الأرض.
(٤) نسبة إلى دولاب موضع في شرقيّ بغداد واسمه كما في كشف الظنون محمّد بن أحمد وهو الحافظ المشهور المتوفّى سنة ٣١٠ من اجزاء الحديث.