الرَّاوِي كَفَّيْهِ وَجَمَعَهَا فَعَدَّتْ لِي سِتَّ عَشْرَةَ تَمْرَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكَلَ مَعِي مِنْهَا.
الذنوب الدلو الملأى ماء ومجلت يده تمجل مجلا إذا تنفطت من العمل ومجلت بالكسر مجلا وأمجل العمل يده.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أُتِيَ بِزِقَاقٍ (١) فِيهَا عَسَلٌ مِنَ الْيَمَنِ وَنَزَلَ بِالْحَسَنِ علیهما السلام ضَيْفٌ فَاشْتَرَى خُبْزاً وَطَلَبَ مِنْ قَنْبَرَ أُدْماً فَفَتَحَ زِقّاً وَأَعْطَاهُ مِنْهُ رِطْلاً فَلَمَّا قَعَدَ علیهما السلام لِيَقْسِمَهَا قَالَ يَا قَنْبَرُ قَدْ حَدَثَ فِي هَذَا الزِّقِّ حَدَثٌ قَالَ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَخْبَرَهُ فَغَضِبَ وَقَالَ عَلَيَّ بِهِ فَلَمَّا حَضَرَ هَمَّ بِضَرْبِهِ فَأَقْسَمَ عَلَيْهِ بِعَمِّهِ جَعْفَرٍ وَكَانَ علیهما السلام إِذَا أَقْسَمَ بِهِ عَلَيْهِ سَكَنَ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخَذْتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قَالَ إِنَّ لَنَا فِيهِ حَقّاً فَإِذَا أَعْطَيْتَنَا رَدَدْنَاهُ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَنْتَفِعَ بِحَقِّكَ قَبْلَ انْتِفَاعِ النَّاسِ لَوْ لَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يُقَبِّلُ ثَنِيَّتَكَ لَأَوْجَعْتُكَ ضَرْباً ثُمَّ دَفَعَ إِلَى قَنْبَرَ دِرْهَماً وَقَالَ اشْتَرِ بِهِ مِنْ أَجْوَدِ عَسَلٍ يُوجَدُ قَالَ الرَّاوِي فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدِ عَلِيٍّ عَلَى فَمِ الزِّقِّ وَقَنْبَرُ يَقْلِبُ الْعَسَلَ فِيهِ ثُمَّ شَدَّهُ بِيَدِهِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ اللهُمَّ اغْفِرْهَا لِلْحَسَنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فأعجب بهذه المكارم والأفعال والقضايا التي هي غرر في جبهات الأيام والزهادة التي فاق بها جميع الأنام والورع الذي حمله على ترك الحلال فضلا عن الحرام والعبادة التي أوصلته إلى مقام وقف دونه كل الأقوام.
مناقب لجت في علو كأنها |
|
تحاول نارا عند بعض الكواكب |
محاسن من مجد متى يقرنوا بها |
|
محاسن أقوام تعد كالمعايب. |
ولما ألزم نفسه الشريفة تحمل هذه المتاعب وقادها إلى أتباعه فانقادت انقياد الجنائب وملكها حتى صاحب منها أكرم عشير وخير مصاحب واستشارها ليختبرها فلم تنه إلا عن منكر ولا أمرت إلا بواجب صار له ذلك طبعا وسجية وانضم عليه ظاهرا ونية وأعمل فيه عزيمة كهمته قوية واستوى في السعي لبلوغ غاياته علانية وطوية فما تحرك حركته إلا بفكر وفي تحصيل أجر وفي تخليد
________________
(١) الزقاق جمع الزق ـ بالكسر ـ : جلد يجز ولا ينتف للشراب وغيره.