ضَرْبَتَيْنِ فَأَخْطَأَتْ ضَرْبَةُ الْوَلِيدِ وَاتَّقَى بِيَدِهِ الْيُسْرَى ضَرْبَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَبَانَتْهَا.
فَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ بَدْراً وَقَتْلَهُ الْوَلِيدَ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَمِيضِ خَاتَمِهِ فِي شِمَالِهِ (١) ثُمَّ ضَرَبْتُهُ أُخْرَى فَصَرَعْتُهُ وَسَلَبْتُهُ فَرَأَيْتُ بِهِ رَدْعاً مِنْ خَلُوقٍ (٢) فَعَلِمْتُ أَنَّهُ قَرِيبُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَبَارَزَ عُتْبَةُ حَمْزَةَ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ وَمَشَى عُبَيْدَةُ وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ إِلَى شَيْبَةَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَأَصَابَ ذُبَابُ سَيْفِ شَيْبَةَ عَضَلَةَ سَاقِ عُبَيْدَةَ فَقَطَعَهَا وَاسْتَنْقَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَحَمْزَةُ مِنْهُ وَقَتَلَا شَيْبَةَ وَحُمِلَ عُبَيْدَةُ مِنْ مَكَانِهِ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ (٣).
قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام لَقَدْ عَجِبْتُ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ جُرْأَةِ الْقَوْمِ وَقَدْ قَتَلْنَا عُتْبَةَ وَالْوَلِيدَ وَشَيْبَةَ إِذْ أَقْبَلَ إِلَيَّ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ فَسَالَتْ عَيْنَاهُ وَلَزِمَ الْأَرْضَ قَتِيلاً
وَقِيلَ مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَتَحَدَّثُ عِنْدَهُ فَانْطَلَقَا فَصَارَ عُثْمَانُ إِلَى مَجْلِسٍ الَّذِي يُشْبِهُهُ وَمِلْتُ أَنَا فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ فَنَظَرَ إِلَيَّ عُمَرُ وَقَالَ مَا لِي أَرَاكَ كَأَنَّ فِي نَفْسِكَ عَلَيَّ شَيْئاً أَتَظُنُّ أَنِّي قَتَلْتُ أَبَاكَ وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَاتِلَهُ وَلَوْ قَتَلْتُهُ لَمْ أَعْتَذِرْ مِنْ قَتْلِ كَافِرٍ لَكِنِّي مَرَرْتُ بِهِ يَوْمَ بَدْرٍ فَرَأَيْتُهُ يَبْحَثُ لِلْقِتَالِ كَمَا يَبْحَثُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ فَإِذَا شَدْقَاهُ قَدْ أَزْبَدَا (٤) كَالْوَزَغِ فَهِبْتُهُ وَرُعْتُ عَنْهُ فَقَالَ إِلَى أَيْنَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَصَمَدَ لَهُ (٥) عَلِيٌّ فَتَنَاوَلَهُ فَمَا رُمْتُ مِنْ مَكَانِي حَتَّى قَتَلَهُ وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ اللهُمَّ غَفْراً ذَهَبَ الشِّرْكُ بِمَا فِيهِ وَمَحَا الْإِسْلَامُ مَا تَقَدَّمَ فَمَا لَكَ تُهَيِّجُ
________________
(١) ومض البرق وميضا : لمع حفيفا.
(٢) الردع : اثر الطيب في الجسد. والخلوق : ضرب من الطيب مائع فيه صفرة لان أعظم اجزائه من الزعفران.
(٣) قال ياقوت : الصفراء : وادى من ناحية المدينة وهو واد كثير النخل في طريق الحاجّ بينه وبين بدر مرحلة.
(٤) من أزبد الرجل : فار غضبه.
(٥) صمد له : قصده.