حَتَّى فَرُّوا فَقَالَ أَمَا تَسْمَعُ مَدِيحَكَ فِي السَّمَاءِ إِنَّ مَلَكاً اسْمُهُ رِضْوَانُ يُنَادِي لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ فَبَكَيْتُ سُرُوراً وَحَمِدْتُ اللهَ عَلَى نِعْمَتِهِ وهذه المناداة بهذا قد نقلها الرواة وتداولها الأخباريون ولم ينفرد بها الشيعة بل وافقهم على ذلك الجماء الغفير.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ اللِّوَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ تِسْعَةً كُلُّهُمْ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام عَنْ آخِرِهِمْ وَانْهَزَمَ الْقَوْمُ وَبَارَزَ الْحَكَمَ بْنَ الْأَخْنَسِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ نِصْفِ الْفَخِذِ فَهَلَكَ مِنْهَا وَأَقْبَلَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ دَارِعٌ وَهُوَ يَقُولُ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُ وَصَمَدَ لَهُ عَلِيٌّ علیهما السلام فَضَرَبَهُ عَلَى هَامَتِهِ فَنَشِبَ السَّيْفُ فِي بَيْضَتِهِ وَسَيْفُهُ فِي دَرَقَةِ عَلِيٍّ (١) فَنَزَعَا سَيْفَهُمَا وَتَنَاوَشَا قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَنَظَرْتُ إِلَى فَتْقٍ تَحْتَ إِبْطِهِ فَضَرَبْتُهُ فِيهِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ وَثَبَتُّ قَالَ مَا لَكَ لَا تَذْهَبُ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ علیهما السلام أَذْهَبُ وَأَدَعُكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ لَا بَرِحْتُ حَتَّى أُقْتَلَ أَوْ يُنْجِزَ اللهُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّ اللهَ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَلَنْ يَنَالُوا مِنَّا مِثْلَهَا أَبَداً ثُمَّ نَظَرَ إِلَى كَتِيبَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ احْمِلْ عَلَى هَؤُلَاءِ يَا عَلِيُّ فَحَمَلْتُ فَقَتَلْتُ مِنْهَا هِشَامَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّ وَانْهَزَمُوا وَأَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ أُخْرَى فَقَالَ احْمِلْ عَلَى هَذِهِ فَحَمَلْتُ فَقَتَلْتُ مِنْهَا عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللهِ الْجُمَحِيَّ وَانْهَزَمَتْ أَيْضاً وَجَاءَتْ أُخْرَى فَحَمَلْتُ عَلَيْهَا وَقَتَلْتُ بِشْرَ بْنَ مَالِكٍ الْعَامِرِيَّ وَانْهَزَمَتْ فَلَمْ يَعُدْ بَعْدَهَا أَحَدٌ وَتُرَاجِعُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَانْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى مَكَّةَ وَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَتْهُ فَاطِمَةُ علیهما السلام وَمَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ بِهِ وَجْهَهُ وَلَحِقَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَقَدْ خَضَبَ الدَّمُ يَدَهُ إِلَى كَتِفِهِ وَمَعَهُ ذُو الْفَقَارِ فَنَاوَلَهُ فَاطِمَةَ علیهما السلام وَقَالَ خُذِي هَذَا السَّيْفَ فَقَدْ صَدَقَنِي الْيَوْمَ وَقَالَ
أَفَاطِمُ هَاكِ السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ |
|
فَلَسْتُ بِرِعْدِيدٍ وَلَا بِمُلِيمٍ (٢) |
________________
(١) الدرقة : الترس من جلود ليس فيها خشب ولا عقب
(٢) الرعديد : الجبان ، والمليم : الذي يلام على ما يصدر منه (ه. م) والذميم بمعنى المذموم.