ذلك علي علیهما السلام وفي ذلك من الفضيلة والمنقبة ما تفرد به ولم يشاركه فيه أحد وقد ذكر هذه القضية بقريب من هذه الألفاظ جماعة غير المفيد.
وَكَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَعْطَى الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا مَكَّةَ أَمَامَهُ فَأَخَذَهَا سَعْدٌ وَهُوَ يَقُولُ
الْيَوْمَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ |
|
الْيَوْمَ تَسْتَحِلُّ الْحُرْمَةَ |
فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لِلنَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَمَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ سَعْدٌ وَاللهِ إِنَّا نَخَافُ أَنْ تَكُونَ لَهُ الْيَوْمَ صَوْلَةٌ فِي قُرَيْشٍ فَقَالَ صلی الله علیه وسلم أَدْرَكَ يَا عَلِيُّ سَعْداً فَخُذِ الرَّايَةَ مِنْهُ وَادْخُلْ بِهَا أَنْتَ.
قلت هكذا ذكره أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه فاستدرك به صلی الله علیه وسلم ما كاد يفوت من صواب التدبير بتهجم سعد وإقدامه على أهل مكة وعلم أن الأنصار لا توافق على عزل سيدها وأخذ الراية منه إلا بمثل علي علیهما السلام ولأن حاله في ذلك كما لو أخذها النبي صلی الله علیه وسلم في جلالة قدره ورفيع مكانه وهذا عزل خير من ولاية فإن من كان بحيث لا يقوم مقامه ولا يسد مسده إلا علي علیهما السلام فله أن يطاول الأفلاك ويفاخر الأملاك ولو كان في الصحابة من يوافق الأنصار على عزل صاحبها به لاختاره لذلك وندبه إليه ولكنه أبو الحسن علیهما السلام القائم مقام نفسه المشارك له في نوعه وجنسه صلى الله عليهما وآلهما الطاهرين.
وَكَانَ عَهِدَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنْ لَا يُقَاتِلُوا بِمَكَّةَ إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ سِوَى نَفَرٍ كَانُوا يُؤْذُونَهُ فَقَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام مِنْهُمْ الْحُوَيْرِثَ بْنَ نُفَيْلِ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِمَكَّةَ وَبَلَغَهُ علیهما السلام أَنَّ أُخْتَهُ أُمَّ هَانِئٍ قَدْ آوَتْ نَاساً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فِيهِمُ الْحَرْثُ بْنُ هِشَامٍ وَقَيْسُ بْنُ السَّائِبِ فَقَصَدَ علیهما السلام دَارَهَا وَهُوَ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَنَادَى أَخْرِجُوا مَنْ آوَيْتُمْ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ أُمُّ هَانِئٍ وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ فَقَالَتْ يَا عَبْدَ اللهِ أَنَا أُمُّ هَانِئِ بِنْتِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأُخْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ انْصَرِفْ عَنْ دَارِي فَقَالَ أَخْرِجُوهُمْ فَقَالَتْ وَاللهِ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ فَرَفَعَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ فَعَرَفَتْهُ فَجَاءَتْ تَشْتَدُّ حَتَّى الْتَزَمَتْهُ وَقَالَتْ فَدَيْتُكَ حَلَفْتُ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ فَقَالَ اذْهَبِي فَبَرِّي قَسَمَكِ فَإِنَّهُ بِأَعْلَى الْوَادِي قَالَتْ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ